السلفادور: الحظر التام للإجهاض يعني قتل نساء وفتيات والحكم على أخريات بالبقاء عقوداً خلف قضبان السجون

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إن قرار الحكومة القمعي والرجعي بفرض حظر تام على عمليات الإجهاض يدمر حياة عديد من النساء والفتيات في السلفادور، حيث يدفعهن إلى إجراء عمليات إجهاض سرية غير آمنة، أو يضطرهن إلى الاستمرار في حمل ينطوي على مخاطر. أما اللاتي يُقدمن على إنهاء حملهن فقد يواجهن عقوبات بالسجن لسنوات عدة.

ويبين تقرير منظمة العفو الدولية، الصادر مؤخراً بعنوان “على حافة الموت: العنف ضد المرأة وحظر الإجهاض في السلفادور”، أن القوانين المقيِّدة السارية في البلاد تؤدي إلى وفاة مئات من النساء والفتيات اللاتي يسعين إلى إجراء عمليات إجهاض سرية. كما كان من شأن الحظر المفروض على الإجهاض أن يؤدي إلى إصدار أحكام بالسجن لمدد طويلة على عدد من المشتبه في إجراؤهن هذه العمليات.

وفي معرض الإعلان عن صدور التقرير في مدينة سان سلفادور اليوم، قال سليل شيتي، الأمين العام لمنظمة العفو الدولية، “إن القمع المخيف الذي تتعرض له النساء والفتيات في السلفادور هو أمر صادم وأقرب ما يكون إلى التعذيب. فهن يُحرمن من حقهن الأساسي في اتخاذ قرارات بشأن أجسادهن ويتعرضن لعقوبات شديدة إذا ما أقدمن على ذلك”.

ومضى سليل شيتي قائلاً: “إن ما يبعث على الصدمة أن الحظر يمتد حتى إلى الحالات التي تكون فيها حياة المرأة الحامل عُرضةً للخطر، وهو ما يعني أن المرأة التي يستبد بها المرض إلى حد يجعلها غير قادرة على الاستمرار في الحمل حتى الوضع تواجه خياراً مأساوياً: فإما أن تصبح عرضةً للسجن إذا ما أجرت عملية الإجهاض وإما أن تُترك عرضةً للموت إذا لم تفعل شيئاً”.

ومن شأن القوانين القمعية السارية في البلاد أن تجعل النساء والفتيات اللاتي تثبت إدانتهن بتهمة إجراء عمليات إجهاض عرضةً للحكم عليهن بالسجن لمدد تتراوح بين سنتين وثماني سنوات.

ويوثِّق تقرير منظمة العفو الدولية بعض حالات النساء اللاتي سقط حملهن بشكل طبيعي فوجدن أنفسهن عرضةً للمحاكمة والحكم عليهن بالسجن لعقود. وبموجب القوانين المتعلقة بالقتل، قد تواجه أمثال أولئك النسوة عقوبات بالسجن لمدد قد تصل إلى 50 سنة.

وهذا ما حدث مع ماريا تيريزا ريفيرا التي تقضي حالياً حكماً بالسجن لمدة 40 سنة بعد أن سقط حملها بشكل طبيعي.

ولم تكن ماريا تيريزا ريفيرا، وهي أم لطفل عمره خمس سنوات، تعلم أنها قد حملت مرة أخرى حتى سقطت من الإعياء في مصنع الملابس الذي تعمل فيه. وقد عثرت عليها حماتها وهي تنزف على أرض الحمام، فأسرعت بنقلها إلى المستشفى، وهناك أبلغ أحد الأطباء الشرطة بحالتها، فحضر بعض ضباط الشرطة وبدأوا في استجوابها بدون حضور محام معها.

وفي يوليو/تموز 2012، حُوكمت ماريا تيريزا ريفيرا وأُدينت بتهمة القتل في ظروف مغلِّظة للعقوبة، بالرغم من المثالب الجسيمة في الأدلة المقدَّمة ضدها. وسوف يكون ابنها قد بلغ سنه 45 عاماً عندما يُفرج عنها.

وليست ماريا تيريزا ريفيرا سوى واحدة من عشرات النساء اللاتي يُزج بهن في السجون لأسباب تتعلق بالحمل، بما في ذلك الإجهاض أو سقوط الحمل بشكل طبيعي. وهناك نساء أخريات أمضين بالفعل ما يزيد عن 10 سنوات في السجون. وتنتمي ماريا تيريزا ريفيرا إلى أفقر فئات المجتمع، شأنها في ذلك شأن معظم اللاتي يعرض تقرير منظمة العفو الدولية حالاتهن.

ويمتد الحظر على الإجهاض ليشمل حتى الفتيات القُصر اللاتي تعرضن للاغتصاب، فالقانون يجبر جميع الحوامل على إكمال حملهن حتى الوضع، بالرغم من أن ذلك قد يخلِّف أثاراً بدنية ونفسية مدمِّرة.

وقد روى طبيب لمنظمة العفو الدولية ما حدث معه وهو يعالج فتاة في العاشرة من عمرها تعرضت للاغتصاب، فقال: “كانت حالة بالغة الصعوبة… لم تكن [الفتاة] تفهم ما حدث لها… كانت تطلب منا أقلاماً للتلوين، وكانت قلوبنا جميعاً تنفطر حزناً عليها. كنا نقول: إنها ما زالت طفلة، مجرد طفلة صغيرة. ولم تكن هي تدري أنها حامل”. وقد اضطُرت الفتاة للاستمرار في حملها.

وتُعد القوانين القمعية المناهضة للإجهاض في السلفادور دليلاً على تمييز أوسع نطاقاً ضد النساء والفتيات في البلاد. فعملية صياغة الصور النمطية على أساس الجنس تمتد لتشمل حتى اتخاذ القرارات القضائية، حيث يميل بعض القضاة أحياناً إلى الطعن في مصداقية النساء والفتيات. كما تؤدي المواقف التي تنطوي على تمييز ضد النساء والفتيات إلى جعل الحصول على الثقافة الجنسية ووسائل منع الحمل أمراً شبه مستحيل.

وقال سليل شيتي: “إن تقاعس حكومة السلفادور عن معالجة مشكلة التمييز ضد النساء والفتيات تفرض قيوداً شديدة على حياة النساء والفتيات. وترفض الحكومة أن تعالج على نحو ملائم مشكلة العراقيل المُعجِّزة التي تحول دون الحصول على وسائل منع الحمل وعلى الثقافة الجنسية الفعَّالة، وهو ما يعني أن مستقبل أجيال بأكملها من النساء والفتيات سيكون متسماً بعدم المساواة وبالتمييز والخيارات المحدودة والقيود على الحريات”.

واستطرد سلسل شيتي قائلاً: “لا يمكن أن يظل العالم بلا حراك وهو يشاهد النساء والفتيات في السلفادور وقد كُتب عليهن العناء والموت. ولهذا، تهيب منظمة العفو الدولية بحكومة السلفادور أن تبادر بإلغاء تجريم الإجهاض في كل الحالات. وينبغي على الحكومة أن توفر للنساء والفتيات سبل الحصول على خدمات الإجهاض بشكل آمن وقانوني، على الأقل في الحالات التي ينطوي فيها الحمل على تهديد لصحة المرأة أو حياتها، أو عندما يكون الحمل نتيجةً للاغتصاب، أو عند إصابة الجنين بإعاقات خلقية شديدة”.

معلومات إضافية 

تُعد السلفادور واحدة من سبع دول في أمريكا اللاتينية تفرض حظراً شاملاً على الإجهاض بموجب القانون، وهي: شيلي، والجمهورية الدومينيكة، وهايتي، وهندوراس، ونيكاراغوا، وسورينام. وبعض هذه الدول، مثل شيلي، شرعت بالفعل في اتخاذ خطوات لتعديل قوانينها.

وقد اكتسبت حالة بياتريس شهرةً كبيرة في العام الماضي، وهي امرأة تبلغ من العمر 22 عاماً وتنحدر من منطقة ريفية في السلفادور، وهي تعاني من مرض “الذئبة” ومن مشاكل طبية أخرى جسيمة. وقد حملت بياتريس ولكن الجنين الذي تحمله كان يعاني من انعدام الدماغ (وهو عيب خلقي يتسم بعدم تشكل معظم فصوص المخ وعظمة الجمجمة الأمامية)، وهو عرض فتاك يعني أن الجنين لن يعيش أكثر من بضع ساعات أو أيام بعد الولادة. وقد مُنعت بياتريس من إجراء عملية إجهاض، حتى بعد أن عرضت قضيتها على المحكمة العليا. وفي 3 يونيو/حزكيران 2013، وبعد تدخل “محكمة الدول الأمريكية لحقوق الإنسان” بالإضافة إلى الضغوط الدولية، سمحت حكومة السلفادور أخيراً بأن تجري بياتريس عملية ولادة قيصرية مبكرة. وقد تُوفي المولود بعد ساعات.

انظر: “ما بعد بياتريس: يجب ألا تعاني نساء أخريات من التمييز والتعذيب”. على الموقع:

https://www.amnesty.org/en/news/el-salvador-beatriz-update-2013-06-04