الحرمان القاتل من الرعاية الطبية في السجون الإيرانية

ترتكب السلطات الإيرانية انتهاكات صادمة للحق في الحياة بتعمُّد حرمان السجناء المرضى من الرعاية الطبية اللازمة لإنقاذ حياتهم. ومن أشكال القسوة القاتلة هذه منع أو تأخير تلقي السجناء للعلاج بالمستشفيات في حالات الطوارئ، وحرمان السجناء من الرعاية الطبية الكافية طوال مدة سجنهم، مما يؤدي إلى تدهور المشاكل الصحية، ويُلحق بالسجناء المرضى مزيداً من الألم والمعاناة، ويسفر في نهاية المطاف عن وفيات كان من الممكن تجنبها.

وتنبع هذه الانتهاكات للحق في الحياة من ثقافةٍ راسخةٍ في السجون الإيرانية لا تكترثُ كثيراً بحُرمة الحياة الإنسانية والكرامة المتأصلة للسجناء، وتُسهِّل حدوثها الصلاحياتُ الممنوحة لمسؤولي السجون بلا حسيب ولا رقيب، وسط مناخٍ من الإفلات من العقاب عن التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة والانتهاكات الأخرى ضد السجناء.

وتماشياً مع الأنماط المترسخة من الإفلات المنهجي من العقاب، رفضت السلطات الإيرانية إجراء أي تحقيقات فعَّالة وعاجلة وشاملة وشفافة ومستقلة بخصوص الوفيات في الحجز، في أعقاب أنباء عن حالات حرمان متعمَّد وغير مشروع من الرعاية الطبية، ناهيك عن ضمان محاكمة ومعاقبة المسؤولين عن تلك الوفيات.

واستناداً إلى النتائج التي استخلصتها منظمة العفو الدولية على مدى زمني طويل بشأن الحرمان المتعمَّد من الرعاية الصحية الكافية في السجون الإيرانية، فحصت المنظمة الملابسات المحيطة بوفاة 92 رجلاً وأربع سيدات في الحجز في شتى أنحاء إيران منذ يناير/كانون الثاني 2010، كما وثَّقتها المنظمة أو أفادت بها جماعات مستقلة لحقوق الإنسان.

وتُعتبر الحالات الست والتسعين التي جرت دراستها مجرد أمثلة دالة وليست حصرية، فمن المرجح أن يكون العدد الحقيقي للوفيات في الحجز أعلى من ذلك بكثير. ويرجع ذلك إلى عدم الإبلاغ عن انتهاكات حقوق الإنسان في إيران في أحيانٍ كثيرة بسبب الخوف المتأصل من الأعمال الانتقامية.

ولا تشمل قائمة الحالات تلك الوفيات أثناء الاحتجاز التي توافرت بشأنها أنباء موثوقة عن التعذيب البدني أو استخدام الأسلحة النارية بشكل يفضي إلى الموت، وهي الوفيات التي تناولتها منظمة العفو الدولية في تقرير منفصل، في سبتمبر/أيلول 2021.      

في غرفة انتظار الموت: الوفيات في الحجز إثر الحرمان المتعمّد من الرعاية الصحية في السجون الإيرانية

تُعد الوفيات في الحجز، الناجمة عن الحرمان المتعمَّد من الرعاية الصحية، بمثابة حرمان تعسفي من الحياة، وهذا بدوره انتهاك جسيم لحقوق الإنسان بموجب القانون الدولي

ديانا الطحاوي، منظمة العفو الدولية

ترك السجناء المرضى ليموتوا

تفتقر عيادات السجون في إيران للمعدات اللازمة للتعامل مع المشاكل الصحية المعقدة، كما تفتقر إلى العدد الكافي من الأطباء الممارسين العموميين المؤهلين، ناهيك عن الاختصاصيين الطبيين. ولذلك، فدائماً ما يلزم أن يُنقل السجناء، الذين يعانون من حالات طبية طارئة ويحتاجون لرعاية طبية متخصصة، إلى مرافق طبية خارج السجون.

وللأسف، فإن مسؤولي السجون الإيرانية رفضوا بشكل دائم الإقرار بهذه الحقيقة واحترام حق السجناء في الصحة وفي الحياة بنقلهم في وقت ملائم إلى مرافق طبية خارج السجون.

ومن بين 96 سجيناً فحصت منظمة العفو الدولية حالاتهم، تُوفي 64 داخل السجون. وتُوفي معظمهم في زنازينهم، مما يعني أنهم لم يحصلوا على الإشراف الطبي الأساسي في ساعاتهم الأخيرة. وتُوفي بعضهم أثناء احتجازهم في عيادات بالسجون تفتقر إلى ما يكفي من المعدات وأفراد الطاقم الطبي.

وفي ست حالات على الأقل، نُقل سجناء في حالة مرضية حرجة إلى زنازين الحبس الانفرادي، أو عنابر التأديب أو أقسام العزل، وتُوفي أربعة منهم وهم بمفردهم، بينما نُقل الاثنان الآخران في نهاية المطاف إلى المستشفى، ولكن بعد فوات الأوان.

وتُوفي ما لا يقل عن 26 سجيناً خلال نقلهم إلى المستشفى أو بعد وقت قصير من إدخالهم المستشفى، في أعقاب تأخير متعمَّد من مسؤولي السجون، ثبت أنه كان تأخيراً مميتاً.

وفي حالات كثيرة، كان أفراد الطاقم الطبي في عيادات السجون ومسؤولو السجون يتهمون السجناء، الذين يعانون من حالات طبية طارئة، بأنهم “يتظاهرون” بالأعراض أو “يبالغون” فيها.    

من بين 96 حالة مُسجلة من الوفيات في الحجز، وقعت الأغلبية الساحقة (65 حالة) منذ يناير/كانون الثاني 2017. وقد يُعزى ذلك إلى تزايد سُبل الحصول على المعلومات خلال السنوات الأخيرة، ولكنه يُعد مؤشراً مقلقاً على أن استمرار تفشي مناخ الإفلات من العقاب يؤدي إلى ترسيخ الانتهاكات الجسيمة للحق في الحياة في شتى السجون الإيرانية.

في معظم الحالات، كان السجناء الذين تُركوا للموت من الشباب أو في منتصف العمر، فتراوحت أعمار 23 منهم بين 19 و39 عاماً، وأعمار 26 منهم بين 40 و59 عاماً، مما يثير مخاوف من أن أرواحهم قد أُزهقت قبل أوانها بسبب الحرمان من الرعاية الطبية.

64

من بين 96 سجيناً فحصت منظمة العفو الدولية حالاتهم، تُوفي 64 داخل السجون.

 اشتكى العديد منهم لعيادات السجون قبل وفاتهم من مشاكل صحية متنوعة مثيرة للقلق تتضمن الألم الشديد في الصدر ومشاكل في التنفس. وقد تجاهل الطاقم الطبي بعيادات السجون بشكل متكرر هذه الحالات الطارئة وأعادوا السجناء إلى عنابرهم حيث توفوا بعد وقت قصير من ذلك.

وتُوفي بعضهم أثناء احتجازهم في عيادات بالسجون تفتقر إلى ما يكفي من المعدات وأفراد الطاقم الطبي. وتوفي آخرون في عنابرهم وسط رفض مسؤولي السجون نقلهم إلى عيادات السجون.

26

وتُوفي ما لا يقل عن 26 سجيناً خلال نقلهم إلى المستشفى أو بعد وقت قصير من إدخالهم المستشفى، في أعقاب تأخير متعمَّد من مسؤولي السجون، ثبت أنه كان تأخيراً مميتاً.

6

في 6 حالات مسجلة على الأقل، نُقل سجناء في حالة مرضية حرجة إلى زنازين الحبس الانفرادي، أو عنابر التأديب أو أقسام العزل، وتُوفي أربعة منهم وهم بمفردهم، بينما نُقل الاثنان الآخران في نهاية المطاف إلى المستشفى، ولكن بعد فوات الأوان.

أرواح أُزهقت قبل أوانها في شتى أنحاء إيران

تشمل حالات الوفيات في الحجز المُسجلة، وعددها 96 حالة، 30 سجناً في 18 محافظة في مختلف أنحاء إيران. ووقعت معظم الوفيات المُسجلة في أربع محافظات، هي أذربيجان الغربية، وطهران، وسيستان وبلوشستان، والبرز.

وكانت نسبة الوفيات مرتفعة بصفةٍ خاصة في السجون التي بها عدد كبير من أبناء الأقليات العِرقية التي تتعرض للقمع. فمن بين 96 حالة مُسجلة من الوفيات في الحجز، وقعت 22 حالة في السجن في مدينة أرومية بمحافظة أذربيجان الغربية، حيث ينتمي معظم السجناء إلى الأقلية الكردية والأقلية التركية الآذرية. ووقعت 13 حالة وفاة في السجن الرئيسي في مدينة زاهدان بمحافظة سيستان وبلوشستان، حيث ينتمي معظم السجناء إلى أقلية البلوش التي تتعرض للقمع في إيران.

وترى منظمة العفو الدولية أن المدى الحقيقي لانتهاكات حقوق الإنسان التي تُرتكب في كثير من السجون بشتى أنحاء إيران لا تزال مخفيةً عن أنظار الرأي العام. ولذلك، فإن توفُّر سُبل أكبر للحصول على المعلومات عن بعض السجون، مقارنةً بسجون أخرى، لا يزال يحدُّ من القدرة على إجراء تحليل مقارن فعَّال.


إساءة التعامل مع الحالات الطبية الطارئة ما أودى بحياة السجناء


تُوفي ما لا يقل عن 11 سجيناً إثر حرمانهم من الرعاية الصحية الكافية لعلاج إصابات رضِّية خطيرة نجمت عن حوادث معينة أثناء القبض عليهم أو خلال حبسهم. ومن هذه الحوادث التعرض للضرب أو الإصابة بعيارات نارية وقت القبض، وحوادث أثناء القبض أو في السجن، وتناول جرعة زائدة من المخدرات، والإضراب عن الطعام، ومحاولات الانتحار والتعارك البدني بين السجناء.

وتُوفي سجناء آخرون إثر حرمانهم من الرعاية الطبية الكافية لعلاج حالات طبية خطيرة، منها مثلاً النوبات القلبية والسكتات الدماغية، والإصابات بفيروس كوفيد-19 أو غيره من الأمراض المعدية، ومضاعفات بالجهاز الهضمي، ومضاعفات الأمراض العصبية، ومضاعفات بالجهاز التنفسي، ومشاكل الكلى، وهي حالات إما ظهرت فجأة أو كانت متصلة بأمراض سابقة لم يتلق السجناء طوال مدة سجنهم ما يكفي من الرعاية الطبية المتخصصة لعلاجها، بما في ذلك الاختبارات التشخيصية، والفحوص الدورية المنتظمة، والمتابعة العلاجية بعد العمليات الجراحية.


الأزمات والسكتات القلبية

  • حبیب‌ الله نادري
  • هدی صابر
  • علي أشكان
  • منصور رادبور
  • افشین اسانلو
  • انور لاجورد
  • شاهرخ زماني
  • موسی میر
  • عزیز انوریان
  • محمد اصالتي
  • سعید نوهي
  • شیوا فكري
  • اکبر کمالي
  • عبدالنور شرف نهال
  • داریوش منصوري
  • فردین فرامرزي
  • نادر علی زهي
  • محسن مرادي
  • عمر رسولي
  • عمر بدلي بور
  • مهرداد باریده
  • نوبخت (نوبت) صحرایي
  • علی بایا
  • داریوش کنكرلو
  • بیام خالدي
  • حسن جوادي
  • برویز قهرماني
  • فرهاد رحیمي
  • شمس الدین تاتاري

إصابات رضية بالرأس

  • عبدالواحد كمشادزهي
  • مرتضی کاركر

السكري

  • خبات مرادي

كوفيد-19 وغيره من الأمراض المعدية

  • فاطمه علیزاده
  • سیف‌ الدین بامرادي
  • سعید حیدري
  • ذوق علي عباسي
  • عبدالوحید رحماني
  • اکرم رحیمي
  • كیتی حاج رحیمي
  • بكتاش آبتین (الاسم القانوني مهدي كاظمي)
  • علي رضا کرمی خیربدي
  • ایوب رئوف‌ بور
  • شفي محمد تنومند
  • مهدی نارویي
  • عبدالرئوف باهنك
  • غلامرضا كول
  • اسكندر بدرلو
  • اصغر ساماني
  • امیر ناجي وش

التسمم بالجرعات المفرطة

  • حسین افراسیابي
  • صادق ملكي
  • روح الله ملكي

مشاكل بالكلى

  • آرش ارکان

السرطان

  • البرز قاسمي شال
  • محسن دكمه‌ جي
  • حسن ناهید
  • عبدالعزیز مرهاي
  • اسماعیل مستخدم
  • آقا شه بخش

صعوبات بالتنفس

  • محمد مهدي زاله‌ نقشبندیان
  • محمد جواد خوشنویسان
  • علي بتراني

الأعراض الانسحابية للمخدرات

  • رامین دوکله

مضاعفات الجهاز الهضمي

  • ناصر خاني زاده
  • محمد زینتي
  • رضا بور رمضان
  • عادل نقي زاده
  • مولود ونوشه
  • وحید صیادي نصیري
  • شهاب درون‌ برور

مضاعفات عصبية

  • غلام نبي ریكي
  • بهنام محجوبي
  • ساسان نیكنفس

النزيف الناتج عن الجروح التي لحقت بهم في السجون

  • محمد طالبي
  • اسماعیل توتازهي
  • حسین باهندیيبور
  • ایمان رشیدي یكانه

الحالة الصحية غير معروفة

  • ظاهر مصطفایي
  • اسحاق همتي جنیكانلو
  • سامان امیني
  • جلالوند (الإسم الأول غير معروف)
  • غلام رباني براهوي
  • سعید محمدي
  • برویز مرادي
  • قربانعلي میراسماعیلي
  • عبدالنبي سارسي
  • سجاد جمالی‌فرد
  • غلا مرضا توبراق قلعه
  • رضا ملك‌ رضایي
  • ابوذر قدسي
  • حسین عطري
  • احمد آموخته
  • مرعان خمو
  • مهدی نریماني
  • ابراهیم جوهري
  • شكرلله جبلي

أزمة الإفلات من العقاب

أدت أزمة الإفلات المنهجي من العقاب، السائدة في إيران، إلى تشجيع مسؤولي السجون على الاستمرار في حرمان السجناء القاتل من الرعاية الطبية.

ولا تقتصر ملامح الأزمة على مجرد رفض السلطات بشكل منهجي التحقيق في الوفيات المُشتبه بها في الحجز، بل كذلك بإصرارها على تعزيز خطاب يمتدح نوعية الخدمات الصحية المقدمة للسجناء باعتبارها “نموذجية” و”لا تُقارن” بأي مكان في العالم، مما يدل على أنها لا تعتزم تغيير نهجها.

وعادةً ما يتعرض أهالي الأشخاص المتوفين في الحجز في ملابسات مريبة لأشكال شتى من المضايقة والترهيب على أيدي ضباط الأمن والاستخبارات، وخاصةً عندما يسعون للحصول على إنصاف قانوني.

هناك حاجة لإجراءات عاجلة

للحيلولة دون وقوع مزيد من الوفيات التي يمكن تجنبها نتيجة الحرمان من الرعاية الطبية اللازمة، فإن منظمة العفو الدولية تحثُّ السلطات الإيرانية على التكفُّل، في القانون والممارسة، بأن يُنقل فوراً السجناء الذين يعانون من حالات طبية طارئة إلى مرافق طبية خارج السجون، وذلك لحين إجراء تحسينات هيكلية في عيادات السجون. وبالمثل، يجب أن يُنقل السجناء الذين تُشخص حالاتهم بأنهم مرضى بأمراض خطيرة سابقة، أو الذين تظهر عليهم علامات أو أعراض لما قد تكون مشاكل صحية خطيرة، إلى مرافق صحية خارج السجون على وجه السرعة لتلقي الرعاية الطبية الكافية.

كما تهيب منظمة العفو الدولية بالسلطات الإيرانية أن تجري إصلاحات في البنود المعيبة إلى حد بعيد بنُظم السجون في إيران، والتي تمنح مديري السجون ومسؤولي الادعاء صلاحية تجاهل المشورة الطبية أو نقضها واتخاذ قرارات متعلقة بالرعاية الصحية بخصوص نقل السجناء للعلاج.

وبالنظر إلى الإفلات المنهجي من العقاب في إيران، تجدِّد منظمة العفو الدولية دعوتها إلى مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة من أجل إنشاء آلية للتحقيق والمحاسبة تتولى جمع وحفظ وتحليل أدلة عن معظم الجرائم الخطيرة المؤثَّمة بموجب القانون الدولي وانتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في إيران، بغرض تسهيل إجراء محاكمات جنائية عادلة.

طالبوا السلطات الإيرانية بالكفِّ عن انتهاك حق السجناء في الحياة وفي الصحة عن طريق حرمانهم من الرعاية الطبية.

أدى استخفاف السلطات الإيرانية الصارخ بالحياة الإنسانية إلى جعل سجون إيران فعلياً بمثابة غرف لانتظار الموت بالنسبة للسجناء المرضى، حيث تتحول بشكل مأساوي الأعراضُ التي يمكن علاجها إلى أعراضٍ قاتلة. وتُعد الوفيات في الحجز، الناجمة عن الحرمان المتعمَّد من الرعاية الصحية، بمثابة حرمانٍ تعسفي من الحياة، وهذا بدوره انتهاك جسيم لحقوق الإنسان بموجب القانون الدولي.

يتسبب مسؤولو السجون الإيرانية، أو يسهمون بالتسبب، في وقوع وفيات غير مشروعة في الحجز، بمنع أو تأخير حصول السجناء على العلاج اللازم بالمستشفيات في وقت ملائم. ويجب على السلطات الإيرانية الكف عن انتهاك حق السجناء في الحياة من خلال الحرمان من الرعاية الطبية. @khamenei_ir