ممثلان يقومان بأداء خاص بالتربية على حقوق الإنسان في زيمبابوي

زيمبابوي: مسرح للشعب ومن الشعب

على مدى أكثر من عقدين، تعمل فرق المسرح في زيمبابوي على تغيير مفهوم حقوق الإنسان في مجتمعاتها، مسرحية واحدة في وقت واحد.

لا يدرك الكثير من الناس حول العالم حقوقهم الإنسانية، لكنهم لا يزالون يعيشون كل يوم بطريقة أكثر حرية وأفضل بفضل حقوق الإنسان. ومع ذلك، فإن معرفة حقوقك، وأن تكون على دراية صحيحة بها، فيكون بمقدورك أن تحقيق الكثير؛ وهذا يعني أنه يمكنك الدفاع عنها وحمايتها ومطالبة الدولة والغير بالقيام بنفس الشيء. في زيمبابوي، لا تتوفر معلومات عن حقوق الإنسان بسهولة، ولكن العديد من المجموعات المسرحية في جميع أنحاء البلاد – بما في ذلك فرقة الفنون الشرقية – قد وجدت مبادرة تعليمية مبتكرة في مجال حقوق الإنسان لمساعدة الناس على تعلم المزيد: ألا وهو المسرح.

وتقول روزلينا موزيرينجي، منسقة الحملات في منظمة العفو الدولية في زيمبابوي، إن المسرح “أداة تعمل في جميع قطاعات المجتمع”. “إنها فعالة من حيث التكلفة وتحث على المشاركة المجتمعية”. وهذه الأسباب أمر أساسي في أن المسرح هو أداة للتربية على حقوق الإنسان المثالية لزيمبابوي.

ففي بلد لا تعتمد فيه التكنولوجيا على نطاق واسع، وغالبًا ما تكون المجتمعات بعيدة ومفصولة عن بعضها البعض، فقد أثبت المسرح نجاحه لقدرته على تثقيف جمهور كبير من خلال الترفيه. فالمسرح لا يميز بسبب الفصل أو التعليم أو الخلفية، فهو مجاني ومفتوح ومتاح للجميع. وكعضو في فرقة الفنون الشرقية، فأقول هذا “المسرح للشعب، ومن الشعب”.

حشد كبير يستمتع بمسرحية تتعلق بالتربية على حقوق الإنسان خلال مهرجان المسرح في زيمبابوي . © Amnesty International Zimbabwe
حشد كبير يستمتع بمسرحية تتعلق بالتربية على حقوق الإنسان خلال مهرجان المسرح في زيمبابوي . © Amnesty International Zimbabwe

وهناك عنصر أساسي آخر هو كيف تحث هذه المسرحيات على المشاركة المجتمعية.  فقد أشار أحد أعضاء فرقة الفنون الشرقية إلى أن “حقوق الإنسان هي جزء من حياة الناس، سواء كانوا على علم بها أم لا. وأن المسرح يثقف المجتمعات ويمكّنها حتى يتمكن الناس من التمتع بحقوقهم الإنسانية أو المطالبة بها، والأهم من ذلك كله أنه يُمكّن الناس العاديين من مطالبة السلطات بأن تكون مسؤولة عن حماية وتعزيز حقوق الإنسان.

وتضيف موزيرينجي أن الهدف هو “زيادة الوعي حول قضايا حقوق الإنسان المختلفة وتغيير العقليات والمواقف والمعتقدات والممارسات، وكل ذلك في “الفضاء غير التهديدي” الذي “يحفز النقاش بين الجمهور”.

وينخرط أطفال المدارس بشكل خاص في أنشطة المسرح، ويتم تمثيل العديد من المسرحيات في الملاعب المدرسية خلال وقت الغداء. وتشير موزيرينجي إلى المدارس هي “مركز الاتصال في البيئات الريفية”،  وتشرح قائلة: “إن التعبير بالقول فعال للغاية” ، فبمجرد إعلان شئ في جمعية مدرسية ، فثمة ضمان أنه بحلول نهاية اليوم، ستكون الكلمة قد وصلت إلى مدى 15 كم ، دون استخدام الهواتف أو غيرها  من وسائل الإعلام”.

وتركز فرقة الفنون الشرقية على المدارس بهدف تنمية جيل “مدرك لحقوق الإنسان”. وهم يثنون على دستور البلد الذي “يحث على تدريس التربية على حقوق الإنسان في المدرسة”.

ووفقا لفرقة الفنون الشرقية، فإن هذه المسرحيات تشرح حقوق الإنسان بطريقة أكثر قابلية للفهم، مما يجعل المسرح واحداً من أفضل الطرق للدعوة. فتقول موزيرينجي: إن المسرح “يزيل الغموض” عن حقوق الإنسان “بطريقة مسلية”. ولم يعد مفهومًا مجرّدًا يصعب الارتباط بها، بل بالأحرى شيء ملموس يؤثر على حياتهم اليومية.

ممثل يؤدي دوراً في مسرحية للتربية على حقوق الإنسان في زيمبابوي  © Amnesty International Zimbabwe
ممثل يؤدي دوراً في مسرحية للتربية على حقوق الإنسان في زيمبابوي © Amnesty International Zimbabwe

تتطرق المسرحيات إلى مجموعة واسعة من قضايا حقوق الإنسان. مثال على ذلك هو “السيد. نغويرفيري “، واحدة من أكثر من مائة مسرحية ألفتها فرق الفنون الشرقية حتى الآن. وتحذر المسرحية، بالتعاون مع المجلس الوطني لتنظيم الأسرة في زيمبابوي، الفتيات من “آباء السكر” الذين يسيئون جنسياً للفتيات في المدارس “عن طريق إغرائهن بالنقود والغذاء والسيارات الفاخرة”. والهدف هو زيادة الوعي حول كيفية “انتهاك هؤلاء الرجال للحق في التعليم للفتيات”، وتؤدي إلى “الحمل غير المرغوب فيه، والعدوى بفيروس نقص المناعة البشرية والأمراض المنقولة بالاتصال الجنسي المختلفة والاغتصاب”. وتقول فرقة الفنون الشرقية إن بعض الأطفال الذين أدوا لهم هذه المسرحية قبل سنوات هم الآن مدرسون في المدارس الابتدائية، وأنهم “يشهدون علنا كيف أن المسرحيات مثل السيد نغويرفيري” ساعدتهم.

لقد أشيد بأداة التربية على حقوق الإنسان في جميع أنحاء البلاد. وقالت روزلينا موزيرينجي: “فأناس مثل مارانج تشيبفاسورا، وغونوأونو، وغويرينيدي، يقدرون هذه الأداة حقاً، نظرًا لعدم وجود أجهزة تلفزيون للحصول على المعلومات”. لقد أدت شعبيتها إلى مطالبة الجماهير بالمزيد. فعلى سبيل المثال، طلب الجمهور في منطقة مانيكالاند أن يتم تدريبهم على مهارات المسرح “لاستخدام الأداة لتثقيف الآخرين ونشر الرسالة على نطاق واسع”. وتم إنشاء مجموعات درامية أصغر، وقد أدت شعبيتها إلى ابتكار “مهرجان مسرح مانيكالاند”، وهي مسابقة حيث يتم تقديم المسرحيات من أجل ” تقديم رسالة فعالة لقضايا حقوق الإنسان”، والمحتوى، “وبالطبع، المهارات المسرحية التي تعتني بمكون الترفيه “. نجاحها كان بحيث أصبح المهرجان الآن حدثًا سنويًا.

ممثلان يؤديان دوراً في مسرحية التربية على حقوق الإنسان خلال مهرجان مسرح مانيكالاند  © Amnesty International Zimbabwe
ممثلان يؤديان دوراً في مسرحية التربية على حقوق الإنسان خلال مهرجان مسرح مانيكالاند © Amnesty International Zimbabwe

ويوصي المدافعون عن حقوق الإنسان في زيمبابوي بأن يكون المسرح كأداة رئيسية للوصول إلى مجتمعات واسعة، بغض النظر عن الطبقة أو الخلفية أو الوضع. توصي موزيرينجي “أن يكون ذلك واضحا على النتائج المقصودة من المسرحية”، حتى لا تبتعد عن الهدف التثقيفي للمشروع. ولكن “كن حازماً ومتفتحاً” لتلقي التعليقات المرتجعة من الجمهور، بحيث تجد المسرحية التالية اتصالاً أفضل بالواقع. وتقترح فرقة الفنون الشرقية “البحث عن قضايا حقيقية” كمفتاح لفعاليتها، لأن القصص الحقيقية التي عاشها الناس في مجتمعاتهم، أو شاهدوها في مجتمعاتهم ستضمن الإشراك والمشاركة. والأهم من كل ذلك، فإنهم يوصون المجموعات المسرحية والناشطين بأن يدافعوا عن حقوقهم بحماس، والارتقاء فوق الاعتبارات السياسة، ويركزون في نشاطهم على المجتمعات.