قالت منظمة العفو الدولية أنه يجب أن يتم فورا ودون شروط إطلاق سراح ناشطيْن سُجنا مؤخرا لقيامهما بالإبلاغ عن تعرضهما للاختطاف والتعذيب.
فلقد حُكم على الناشطة الحقوقية والسياسية وفاء شرف بالسجن سنة واحدة ودفع غرامة قوامها 1000 درهم مغربي (حوالي 120 دولار) يوم الثلاثاء الماضي لقيامها، كما زُعم، بتقديم بلاغ كاذب عن تعرضعها للاختطاف والتعذيب على أيدي مجهولين في إبريل/ نيسان من العام الجاري.
كما أمرت المحكمة بتعويض 50000 درهم (حوالي 6000 دولار) للشرطة المغربية عن الوشاية الكاذبة، على الرغم من أنها لم تتهم الشرطة بهذا الخصوص.
وفي معرض تعليقه على الموضوع، قال نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة العفو الدولية، سعيد بوميدوحة: “لا يجوز سجن أي شخص لقيامه بالإبلاغ عن تعرضه للتعذيب، كما لا ينبغي ان يُصنف الوشاية الكاذبة كأحد الأفعال الجرمية. ويرسل الحكم بإدانة الناشطة بتحذير مخيف لكل من تعرض للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة كي يجبرهم على التزام الصمت أو المخاطرة بأن يُزج به في السجن”.
وكانت عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان الناشطة السياسية اليسارية، وفاء شرف البالغة من العمر 26 عاما، قد أبلغت عن تعرضها للاختطاف والتعذيب لبضع ساعات على أيدي مجهولين عقب حضورها احتجاج عمالي في طنجة بتاريخ 27 إبريل/ نيسان 2014. وقالت وفاء أن خاطفيها قد أبرحوها ضربا وهددوا بالتعرض لها بمزيد من العنف إذا لم تتوقف عما تقوم به من حراك ونشاط.
وبعد ثلاثة أيام من الحادثة، وبمجرد أن حصلت على تقرير طبي من المستشفى المحلي يوثق تعرضها لإصابات خفيفة، حررت وفاء شكوى لدى السلطات القضائية، ما حمل الشرطة القضائية في طنجة والفرقة الوطنية للشرطة القضائية على التحقيق في ادعاءاتها.
ولكن في 8 يوليو/ تموز الماضي، أُقفل التحقيق وأُلقي القبض على وفاء شرف واحتُجزت وأُسندت إليها تهمتي تبليغ عن جريمة غير موجودة والوشاية الكاذبة عملا بأحكام المواد 263 و264 و445 من القانون الجنائي.
وبعد أن أمضت أكثر من شهر في الاعتقال الاحتياطي، أُدينت وفاء بجمبع التهم المسندة إليها. وصرح محامي الدفاع أن المحكمة قد رفضت استدعاء شهود رئيسيين وتقاعست عن الإفصاح عن محتويات أدلة توفرت عبر التنصت على الاتصالات الهاتفية كونها كانت ذات أهمية مفصلية في إدانة وفاء، الأمر الذي أثار مخاوف من احتمال أن تكون محاكمتها جائرة بعد منعها من الطعن في هذه الأدلة. وتُحتجز وفاء في سجن المحلي بطنجة حاليا.
إدانة ناشط آخروجاء الحكم على وفاء شرف بعد أسابيع فقط من صدور إدانة مشابهة لناشط آخر.
في 23 يوليو/ تموز 2014، صدر حكم بالسجن ثلاث سنوات بحق عضو آخر من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان يُدعى أسامة حسن (22 عاما)، وذلك بتمهتي تبليغ عن جريمة غير موجودة والوشاية الكاذبة بشأن التعرض للتعذيب. كما حُكم عليه بدفع مبلغ قوامها 100000 درهم (حوالي 12000 دولار) كتعويض للشرطة المغربية عما لحق بها من الوشاية الكاذبة. ويُحتجز أسامة حاليا في سجن عكاشة المحلي بالدار البيضاء.
وكان أسامة قد أبلغ عن تعرضه للاختطاف والتعذيب على أيدي مجهولين أثناء مغادرته احتجاج تضامني مع ناشطين محتجزين بتاريخ 2 مايو/ أيار 2014. وقال أن خاطفيه قد حرقوه بقضيب معدني ساخن و اغتصبوه بأصابعهم.
وبعد ثلاثة أيام، سجل حقوقيون من فرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان شريط فيديو للناشط وهو يصف الإساءة التي تعرض لها، وقاموا برفعه على موقع يوتيوب، الأمر الذي حمل السلطات على فتح تحقيق بقيادة الفرقة الوطنية للشرطة القضائية.
وفي الأول من يونيو/ حزيران، أغلق وكيل الملك التحقيق وخلص إلى استنتاج مفاده أن حسن لم يتعرض للتعذيب وأعرب عن نيته ملاحقته جنائيا. فأُلقي القبض على الناشط في نفس اليوم واُسندت إليه تهمتي تبليغ عن جريمة غير موجودة والوشاية الكاذبة عملا بأحكام المادتين 264 و445 من القانون الجنائي.
وقال محامي أسامة حسن لمنظمة العفو الدولية أن المحكمة تقاعست عن استدعاء بعض من شهود النفي أثناء المحاكمة، الأمر الذي أثار مخاوف من احتمال إدانته بشكل جائر. وفي الأثناء، حُكم عليه بدفع مبلغ كبير تعويضا للشرطة المغربية على الرغم من أنه أشار إلى أن الجناة هم مجهولين وفق ما ورد في إفادته التي ظهرت عبر موقع يوتيوب.
ويُذكر أن الشاب أسامة حسن هو أحد الناشطين مع حركة الاحتجاج السلمية 20 فبراير التي تدعو إلى تحقيق احترام أكبر لحقوق الإنسان والتحول نحو الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ووضع حد للفساد.
ويعكف الناشطان على الطعن بإدانتهما.
واختتم بومدوحة تعليقه قائلا: “إن أحكام الإدانة هذه سوف تعزز من ثقافة الإفلات من العقاب في المغرب. ولن يتم القضاء على التعذيب إلا بعد أن يتمكن الضحايا من كسر حاجز الصمت بأمان وجلب الجناة للمثول أمام العدالة”.