المملكة العربية السعودية: أحدث إدانة لسجين رأي في حملة تطهير تُشن ضد المنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان بموجب قانون مكافحة الإرهاب

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إن سلطات المملكة العربية السعودية استمرت في استخدام قانون مكافحة الإرهاب القمعي والمفرط في غموضه، وباستخفاف، لتطهير المجتمع المدني الصغير والمناضل بإدانتها للمدافع عن حقوق الإنسان الدكتور عبدالكريم الخضر وحبسه لمدة 10 سنوات.

وكان عبدالكريم الخضر، أحد مؤسسي جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية (حسم) قد سُجن في يونيو/حزيران 2013 لمدة ثماني سنوات إثر محاكمته أمام محكمة جزائية. وقد تم إبطال الحكم في العام لماضي ولكن الخضر ظل في السجن بشكل تعسفي. أما إدانته الأخيرة فقد صدرت عن المحكمة الجزائية المتخصصة بموجب قانون مكافحة الإرهاب الذي دخل حيز النفاذ في فبراير/شباط 2014.

وقال جيمس لينش، القائم بأعمال نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية: “إن السعودية، باستخدامها قانون قمعي لمكافحة الإرهاب ومحكمة متخصصة مشوبة بالمثالب الخطيرة لترهيب وحبس المدافعين عن حقوق الإنسان، إنما ترسل رسالة تخويف مفادها أن كل من يتجرأ على الكلام سيُسحق.”

إن السعودية، باستخدامها قانون قمعي لمكافحة الإرهاب ومحكمة متخصصة مشوبة بالمثالب الخطيرة لترهيب وحبس المدافعين عن حقوق الإنسان، إنما ترسل رسالة تخويف مفادها أن كل من يتجرأ على الكلام سيُسحق.

جيمس لينش، القائم بأعمال نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية

ويُذكر أن عبد الكريم الخضر، الأستاذ السابق في كلية فقه الشريعة بجامعة القصيم، هو واحد من 11 عضواً مؤسساً لجمعية الحقوق المدنية والسياسية (حسم)، الذين يقبعون خلف القضبان أو ما زالوا قيد المحاكمة بسبب مطالبتهم بالإصلاحات السياسية والحقوقية.

وقد قُبض عليه في أبريل/نيسان 2013، عقب حملة قمعية شنتها الحكومة ضد الجمعية في مارس/آذار 2013، عندما سُجن اثنان من أعضائها المؤسسين، وهما الدكتور عبد الله الحامد والدكتور محمد القحطاني، وأمرت السلطات بحل المنظمة. ووُجهت إلى الدكتور عبد الكريم الخضر تهم عديدة، منها “الدعوة والتحريض على مخالفة النظام من خلال الدعوة إلى التظاهر”، “انتقاص وإهانة السلطة القضائية”، “والاشتراك في تأسيس جمعية غير مرخصة”، في إشارة إلى جمعية حسم.

وفي يوم الأربعاء الماضي حكمت المحكمة الجزائية المتخصصة على عضو آخر في الجمعية، وهو الدكتور عبد الرحمن الحامد، بالسجن لمدة تسع سنوات. وكان شقيقه عبد الله الحامد يقضي حكماً بالسجن لمدة11 سنة منذ عام 2013. وكان من المقرر إصدار حكم على عيسى الحامد في الأسبوع الماضي، ولكن تم تأجيل جلسة المحاكمة إلى نوفمبر/تشرين الثاني.

كما أعادت المحكمة الجزائية المتخصصة فتح القضية ضد أصغر أعضاء جمعية حسم، وهو عمر السعيد، الذي كان قد حُكم عليه في عام 2013 بالسجن لمدة أربع سنوات والجَلد 200 جلدة بسبب أنشطته.

ومن بين الأعضاء الآخرين في جمعية حسم الذين يقبعون خلف القضبان القاضي السابق الشيخ سليمان الرشودي البالغ من العمر 80 عاماً، الذي احتُجز وهو يقضي حكماً بالسجن لمدة 15 سنة في ديسمبر/كانون الأول 2012، قبل يومين من موعد إلقائه كلمة حول شرعية الاحتجاجات السلمية في الشريعة الإسلامية.

إن الإدانات المثيرة للغضب التي صدرت بحق أعضاء جمعية حسم بسبب أنشطتهم في مجال حقوق الإنسان، والتي تُضاف إلى سجل السعودية الفظيع في انتهاك حقوق الإنسان، إنما تشكل مزيداً من الاستخفاف بالتزاماتها، كدولة عضو في مجلس حقوق الإنسان، باحترام أرفع معايير حقوق الإنسان.

جيمس لينش

وقال جيمس لينش: “إن الإدانات المثيرة للغضب التي صدرت بحق أعضاء جمعية حسم بسبب أنشطتهم في مجال حقوق الإنسان، والتي تُضاف إلى سجل السعودية الفظيع في انتهاك حقوق الإنسان، إنما تشكل مزيداً من الاستخفاف بالتزاماتها، كدولة عضو في مجلس حقوق الإنسان، باحترام أرفع معايير حقوق الإنسان.”

وأضاف لينش يقول: “إلى جانب أحكام الإعدام التي صدرت مؤخراً بحق ثلاثة نشطاء أحداث، وفرض عقوبات قاسية ولاإنسانية ومهينة، من قبيل جَلد المدون رائف بدوي، فإن ذلك يشكل تأكيداً آخر على رغبة المملكة في سحق المعارضة بأي شكل.”

وفي الوقت الراهن ثمة سبعة نشطاء من الشيعة المحكوم عليهم بالإعدام في السعودية، ومن بينهم علي النمر، الذي كان حدثاً في وقت ارتكاب الجرائم، وعمه الشيخ نمر النمر. كما كان داوود حسين المرهون وعبد الله حسن الظاهر حدثيْن في وقت وقوع الجرائم المزعومة.

إن فرض عقوبة الإعدام على الأحداث يشكل انتهاكاً للقانون الدولي. وتعارض منظمة العفو الدولية عقوبة الإعدام في جميع الظروف بلا استثناء لأنها تنتهك الحق في الحياة المنصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. كما أنها تمثل العقوبة النهائية القاسية واللاإنسانية والمهينة.

وحتى الآن أُعدم ما لا يقل عن 137 شخصاً في المملكة العربية السعودية في عام 2015. أما في العام الماضي فقد بلغ عدد الذين أُعدموا 90 شخصاً.

إن منظمة العفو الدولية تدعو الحكومة السعودية إلى وقف جميع عمليات الإعدام وإطلاق سراح جميع سجناء الرأي فوراً وبلا قيد أو شرط.

خلفية

يُذكر أن جمعية الحقوق المدنية والسياسية (حسم) هي منظمة غير حكومية مستقلة أُنشأت في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2009. وقد نشرت تقارير عن انتهاكات حقوق الإنسان وساعدت عائلات العديد من المعتقلين بدون تهم على تقديم شكاوى ضد وزارة الداخلية إلى ديوان المظالم، وهو بمثابة محكمة إدارية تتمتع بالولاية القضائية على النظر في الشكاوى المرفوعة ضد الدولة ومؤسساتها العامة.

وقبل قمعها كانت جمعية حسم بمثابة شوكة في خاصرة حكومة المملكة العربية السعودية. وتجرَّأ أعضاء الجمعية على الكلام بصراحة وعلى نحو متكرر ضد ممارسات الاعتقال على أيدي السلطات السعودية، وانتقدوا بشكل خاص وزارة الداخلية وفرعها الأمني والاستخباري المخيف، المديرية العامة للمباحث، التي يتمتع أفرادها بسلطات واسعة وبالقدرة على التوقيف والاحتجاز والتعذيب وإساءة معاملة الأشخاص الذين يُشتبه بهم، ويفلتون من العقاب على أفعالهم.

ولا يستخدم أفراد المديرية العامة للمباحث هذه السلطات ضد المشتبه بعلاقتهم بالإرهاب فحسب، وإنما تطال كل من يتكلم ضد السلطات، بمن فيهم المنتقدون السلميون، من قبيل الأشخاص ذوي الصلة بجمعية حسم أو غيرهم من المدافعين عن حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية. وقد أغلقت السلطات جميع هذه المنظمات المستقلة قسراً وسجنت مؤسسيها أو أرغمتهم على السكوت. وقد وفَّر قانون مكافحة الإرهاب غطاء قانونياً لانتهاكات حقوق الإنسان وإساءة استخدام السلطة. وهذا يعني أنه حتى الانتقاد السلمي يمكن أن يُصنَّف على أنه عمل إرهابي ضد الدولة.