تونس: يجب إسقاط التهم الملفقة الموجهة إلى معارضين سياسيين محتجزين تعسفيًا

قالت منظمة العفو الدولية إنه يجب على السلطات التونسية الإفراج فورًا، ودون قيد أو شرط، عن ستة محتجزين تعسفيًا من شخصيات المعارضة السياسية منذ قرابة ثمانية أشهر لمجرد نشاطهم السياسي السلمي، استنادًا لتهم لا أساس لها، ومنها “التآمر على أمن الدولة”؛ وطالبت المنظمة السلطات التونسية بإسقاط جميع التهم الموجهة إليهم، وغيرهم ممن يواجهون تهمًا مماثلة.

والمحتجزون الستة هم الناشط المعارض جوهر بن مبارك، والسياسي خيام التركي، والسياسي عبد الحميد جلاصي، والناشط المعارض عصام الشابي، والمحاميان غازي الشواشي ورضا بلحاج. ولقد ظلوا جميعًا محتجزين بموجب أمر بحبسهم تحفظيًا لمدة ستة أشهر، ثم أمر قاضي التحقيق بتمديد احتجازهم بعد انقضاء هذه المدة في 22 أوت/آب. وفي الأسبوع الماضي، أعلن بن مبارك إضرابًا عن الطعام تنديدًا باحتجازه التعسفي.

ويخضع المحامي البارز المدافع عن حقوق الإنسان العياشي الهمامي للتحقيق حاليًا في القضية نفسها بنفس التهم الموجهة لموكليه المحتجزين، ومن المقرر أن يستجوبه قاضي التحقيق صباح اليوم، في مؤشر يوحي بأن السلطات قد جددت جهودها للمضي قدمًا في هذه القضية.

وقالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: “مارست السلطات التونسية حملة ملاحقة سياسية اعتقلت فيها شخصيات المعارضة السياسية، وأساءت استخدام القضاء لقمع الحق في حرية التعبير وخنق المعارضة السياسية. فطيلة سبعة أشهر، وضعت السلطات سياسيي المعارضة والنشطاء المعارضين رهن الحبس الاحتياطي المطول، الذي ينبغي تخصيصه للقضايا الاستثنائية وليس توجيهه سلاحًا في وجه النشطاء السلميين. إن استمرار الاحتجاز التعسفي للمحتجزين السياسيين الستة هو مهزلة ولا بد من وضع حد لها”.

وفي 2 أكتوبر/تشرين الأول، وجهت السلطات التونسية أيضًا تهمًا جنائية إلى اثنين من المحامين المدافعين عن المحتجزين في قضيتين منفصلتين.

وأضافت هبة مرايف قائلة: “إن تزايد القمع والمضايقات القضائية للمحامين المشاركين في الدفاع في هذه القضية هو سمة من السمات المقلقة للغاية التي برزت في الشهور الماضية. وبدلًا من فتح تحقيقات جديدة ضد المحامين المدافعين عن أشخاص محتجزين تعسفيًا، يجب على السلطات التونسية الإفراج فورًا، ودون قيد أو شرط، عن جميع المتهمين، وإسقاط ما وجهته إليهم من تهم لا أساس لها على الفور. هذه قضية ذات دوافع سياسية، ينبغي وضع حد لها، هي وظاهرة إفلات السلطات من العقاب، وحملة القمع المشينة التي تمارسها”.

ويأتي استجواب الهمامي في أعقاب استجواب محمد الحامدي، وأحمد نجيب الشابي، ورياض الشعيبي، ونور الدين البحيري، وغيرهم من نشطاء المعارضة السياسية الذين يخضعون للتحقيق في هذه القضية؛ الأمر الذي يشير إلى أن القاضي قد يكون الآن قد استجوب جميع المتهمين تقريبًا، مما يسمح له بالبت في قرار الاتهام.

وقد طعن محامو الدفاع في قرارات الإيقاف التحفظي، وقدموا طلبات عديدة للإفراج عنهم، ولكن قاضي التحقيق رفض هذه الطلبات مرارًا وتكرارًا.

ملاحقة قادة المعارضة ومحاميهم

في 2 أكتوبر/تشرين الأول، أحال المدعي العام للمحكمة الابتدائية في العاصمة تونس المحاميتين دليلة مصدق بن مبارك وإسلام حمزة إلى التحقيق، بعد أن أدلتا بتصريحات لوسائل الإعلام يومي 28 و29 سبتمبر/أيلول بالتتالي. فأثناء مقابلة إذاعية، قالت إسلام حمزة إن التهم الموجهة إلى موكليها ملفقة، وإن الهدف من التحقيق هو تكميم أفواه المعارضين السياسيين. أما مصدق فقد أوضحت أثناء مقابلة إذاعية أيضًا أن المحامين طلبوا استدعاء الدبلوماسيين الأجانب الذين اتُّهم المحتجزون بتبادل معلومات استخبارية معهم للاستماع لإفاداتهم. ويجري التحقيق مع المحاميتين بتهم تستند إلى المرسوم عدد 54 والقانون عدد 63 لسنة 2004 بشأن حماية البيانات الشخصية، وهما معرضتان لعقوبات شديدة بالسجن في حال إدانتهما بالتهم الموجهة إليهما.

وتتألف هيئة الدفاع عن المتهمين من سبعة محامين، ثلاثة منهم استُهدفوا بتحقيقات جنائية تتعلق بتعبيرهم السلمي فيما يتعلق بهذه القضية.

إن جوهر العدالة يتداعى عندما يُمنعمن القيام بواجباتهم خوفًا من الانتقام أو العقاب لمجرد أنهم يدافعون عن حقوق موكليهم. ولا يجوز للسلطات أن تنتقم من المحامين بسبب تأديتهم واجباتهم المشروعة، وممارستهم حقهم في حرية التعبير.

هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية

وكانت إسلام حمزة قد أحيلت من قبل إلى التحقيق بموجب المرسوم عدد 54 في 14 جوان/حزيران 2023 بسبب تصريحات أدلت بها لوسائل الإعلام بصفتها محامية دفاع، انتقدت فيها ظروف نقل المحتجزين من السجن وإليه. وفي 1 جوان/حزيران، مثل أمام قاضي التحقيق محامٍ آخر، وهو أيضًا عضو في هيئة الدفاع عن المحتجزين في قضية التآمر، متهمًا بـ “الإساءة إلى الغير …عبر الشبكات العمومية للإتصالات” بموجب الفصل 86 من قانون مجلة الاتصالات لسنة 2001، و “نسب أمور غير قانونية لموظف عمومي” بسبب مداخلة له أثناء مؤتمر صحفي لهيئة الدفاع في 15 ماي/أيار 2023، قال فيها إن المحامين لاحظوا مؤشرات   في ملف القضية تشير إلى التلاعب بالقضية.

واختتمت هبة مرايف قائلة: “إن جوهر العدالة يتداعى عندما يُمنع المحامون من القيام بواجباتهم خوفًا من الانتقام أو العقاب لمجرد أنهم يدافعون عن حقوق موكليهم. ولا يجوز للسلطات أن تنتقم من المحامين بسبب تأديتهم واجباتهم المشروعة، وممارستهم حقهم في حرية التعبير”.

خلفية

منذ فيفري/شباط 2023، فتحت السلطات التونسية تحقيقات جنائية ضد ما لا يقل عن 40 شخصًا بنًاء على اتهامات لا أساس لها تتعلق بتهم ملفقة بالتآمر على أمن الدولة، وهي تهم ترى منظمة العفو الدولية أنها لا تقوم على أي أساس. وتجري تلك التحقيقات بموجب 10 فصول من المجلة الجزائية، من بينها الفصل 72 الذي ينصُّ على فرض عقوبة الإعدام على من يحاول “تبديل هيئة الدولة”.

كما يواجه المتهمون عدة تهم بموجب عشرات الفصول من قانون مكافحة الإرهاب الصادر عام 2015، بما في ذلك الفصل 32 من القانون، الذي ينصُّ على فرض عقوبة السجن لمدة قد تصل إلى 20 سنة على “مكوّني التنظيمات أو الوفاقات [الإرهابية]”.

وخلال الفترة بين 12 و23 فيفري/شباط، اعتقلت السلطات ثمانية من المعارضين، واحتجزتهم على ذمة التحقيق نفسه. وكان من بينهم الناشط السياسي لزهر العكرمي وشيماء عيسى، وهي ناشطة وسياسية معارضة وإحدى قادة جبهة الخلاص الوطني – وهي تجمع سياسي معارض.

وبعد قرابة خمسة أشهر من الاحتجاز، أُفرج عن شيماء عيسى ولزهر العكرمي إفراجًا مشروطًا، في 13 جويلية/تموز 2023. ولكن لا يزال ما لا يقل عن ستة من المتهمين معهما في هذه القضية رهن الإيقاف التحفظي التعسفي المطول فيما يتعلق بالتحقيق نفسه. والستة هم: السياسي خيام التركي، والمعارض والسياسي عبد الحميد جلاصي، والناشط المعارض عصام الشابي، والناشط المعارض جوهر بن مبارك، وأخيرًا المحاميان والناشطان المعارضان غازي الشواشي ورضا بلحاج.