اليمن: يجب على المجلس الانتقالي الجنوبي أن يطلق فورًا سراح محامي حقوق الإنسان المحتجز تعسفيًا وسط مخاوف بشأن حالته الصحية

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنه يتعين على سلطات الأمر الواقع المتمثلة بالمجلس الانتقالي الجنوبي الإفراج الفوري وغير المشروط عن محامي حقوق الإنسان سامي ياسين قائد مارش، الذي كان قد احتُجز تعسفيًا دون تهمة لمدة أربعة أشهر لا لشيء سوى عمله من أجل تحقيق المساءلة والعدالة عن انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن.

ففي 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، اعتدتْ قوات الأمن التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي جسديًا على سامي ياسين، واعتقلته تعسفيًا أثناء مغادرته عمله في مجلس القضاء الأعلى وهيئة التفتيش القضائي في خور مكسر بمحافظة عدن. وعقب اعتقاله، احتجزته قوات الأمن قرابة أربعة أشهر في معسكر النصر، وهو مركز اعتقال غير رسمي تحت قيادة قوات الحزام الأمني. ووفقًا لرسائل مسرَّبة من سامي ياسين، فقد تم تعذيبه ووضعه قيد الحبس الانفرادي أثناء فترة احتجازه. وفي 6 مارس/آذار، نُقل إلى سجن بير أحمد في عدن، حيث لا يزال يقبع هناك حتى اليوم وسط مخاوف جدية بشأن حالته الصحية، بعدما تسرّبت صورة في مطلع شهر مارس/آذار تُظهره وهو يرقد على سرير في أحد المستشفيات.

وطوال فترة اعتقاله، كان سامي ياسين محتجزًا بمعزل عن العالم الخارجي، وحُرم من حقه في الاتصال بعائلته وممثله القانوني والالتقاء بهم.

وقالت غراتسيا كاريتشيا، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية إنه: “من المعيب أن يُعاقَب سامي ياسين بسبب القيام بعمله في الدفاع عن الأشخاص الذين انتُهكت حقوقهم الإنسانية، وإن احتجازه التعسفي وتعذيبه وحبسه الانفرادي لمدة طويلة، يُظهر استعداد سلطات الأمر الواقع تخطي حدود مُخيفة من أجل إسكات المدافعين عن حقوق الإنسان”.

يتعين على المجلس الانتقالي الجنوبي أن يُطلق سراح سامي ياسين فورًا وبدون قيد أو شرط. وإلى حين إطلاق سراحه، يجب حمايته من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، والسماح له دون تأخير بالحصول على رعاية طبية كافية، والاتصال بعائلته ومحاميه بشكل منتظم.

غراتسيا كاريتشيا، منظمة العفو الدولية

“ويتعين على المجلس الانتقالي الجنوبي أن يُطلق سراح سامي ياسين فورًا وبدون قيد أو شرط. وإلى حين إطلاق سراحه، يجب حمايته من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، والسماح له دون تأخير بالحصول على رعاية طبية كافية، والاتصال بعائلته ومحاميه بشكل منتظم”.

احتجازه بمعزل عن العالم الخارجي وقيْد الحبس الانفرادي

أبلغ َشقيق سامي ياسين، وهو أحد محاميه أيضًا، منظمة العفو الدولية بأن شقيقه سامي قد تلقَّى قبل اعتقاله تهديدات عدة من قبل أشخاص في الأمن والسلطة القضائية تابعين للمجلس الانتقالي الجنوبي بسبب عمله، بما في ذلك بسبب متابعته قضية المعتقل الذي تُوفي في الحجز في يونيو/حزيران 2023، والقضية الجارية للصحفي أحمد ماهر المحتجز تعسفيًا.

وعلمت عائلته بشكل غير رسمي من مصادر داخل معسكر النصر، ومن رسائل سامي ياسين المسرَّبة في وقت لاحق، أنه كان قد وُضع قيد الحبس الانفرادي أثناء فترة احتجازه في معسكر النصر، وأنه تعرّض للتعذيب والمعاملة السيئة، بما في ذلك الضرب المبرِّح والاستجواب لفترات مُطوَّلة في الليل.

ووفقًا لقواعد نيلسون مانديلا، فإن الحبس الانفرادي المطوّل ولأجَل غير مسمى يرقى إلى حد التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، ويجب ألاَّ يُمارَس ضد أحد تحت أي ظرف من الظروف.

في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، قدَّم محامي سامي ياسين شكوى إلى النيابة العامة لجنوب عدن، طلب فيها إجراء تحقيق في حادثة الاعتداء عليه واحتجازه تعسفيًا في معسكر النصر. وقد وردَ في ملف التحقيق الذي أجرته النيابة العامة لجنوب عدن واطلعت عليه منظمة العفو الدولية أن أحد أعضاء النيابة العامة حاول مقابلة سامي ياسين أثناء زيارته لمعسكر النصر في 3 ديسمبر/كانون الأول، لكنَّ ضباطًا عسكريين منعوه من مقابلته بذريعة أن التحقيق كان لا يزال جاريًا، وأنه تمت إحالة قضيته إلى النيابة الجزائية المتخصصة. ومن الجدير بالذكر أنه لم تُوجه تُهم إليه حتى الآن.

وذكرت عائلته أنَّ قوات عسكرية داهمت منزل سامي ياسين ومكتبه في 14 ديسمبر/كانون الأول، دون إظهار مذكرة تفتيش وصادرت ملفات القضايا وغيرها من الوثائق الشخصية. وبعد يومين، استدعت النيابة الجزائية المتخصصة في عدن زوجة سامي ياسين. وأثناء التحقيق معها، تم استجوابها عن عمل زوجها وترهيبها وتهديدها بالاعتقال وبالمزيد من أعمال الانتقام من زوجها إذا لم تتعاون مع النيابة الجزائية أو إذا تحدثت إلى وسائل الإعلام بشأن قضية زوجها.

تدهور وضعه الصحي

في مطلع مارس/آذار، تلقت عائلة سامي ياسين صورة مسرَّبة ظهر فيها ضعيفًا وهو يرقد في سرير في إحدى المستشفيات، وأبلغ المصدر عائلته بأن سامي كان يتقيأ ويتألم باستمرار.

يتعيَّن على سلطات الأمر الواقع المتمثلة بالمجلس الانتقالي الجنوبي ضمان تمتع المحامين بحرية مزاولة مهنتهم دون التعرُّض للمضايقات أو التهديدات أو الانتقام.

غراتسيا كاريتشيا، منظمة العفو الدولية

في 10 مارس/آذار، قدَّم محاميه إلى النائب العام طلبًا بإجراء فحص طبي لسامي ياسين من قبل لجنة طبية، أو نقله إلى المستشفى، وإصدار تقرير طبي يتضمن تشخيصًا واضحًا لحالته الطبية وسبب تدهور صحته وتقديمه إلى النيابة العامة، غير أن السلطات لم تنفذ ذلك حتى الآن.

وقالت غراتسيا كاريتشيا: “إن القبض على سامي ياسين واحتجازه تعسفيًا يُعتبر اعتداءً على مهنة المحاماة في اليمن، وخاصةً على المحامين الذين ما زالوا يدافعون بشجاعة عن حقوق الإنسان”.

“ويتعيَّن على سلطات الأمر الواقع المتمثلة بالمجلس الانتقالي الجنوبي ضمان تمتع المحامين بحرية مزاولة مهنتهم دون التعرُّض للمضايقات أو التهديدات أو الانتقام”.

خلفية

اطلعت منظمة العفو الدولية على وثائق قانونية، من بينها شكوى مقدَّمة من قبل محامي سامي ياسين إلى النائب العام، ودعوى قضائية مرفوعة من قبل محاميه ضد رئيس النيابة الجزائية المتخصصة في عدن، ودعوى قضائية ضد وكيل النيابة الجزائية. كما اطلعت المنظمة على رسالة من نقابة المحامين فرع تعز موجَّهة إلى النائب العام، وملف تحقيق أجرته النيابة العامة لجنوب عدن. واستمعت المنظمة أيضًا إلى تهديدات موجَّهة إلى سامي ياسين في رسائل صوتية مسجَّلة أُرسلت إلى هاتفه، واطلعت على رسائل مسرَّبة كتبها إلى عائلته لم يكن ممكنًا التحقق منها من قبل جهة مستقلة.

إن الاحتجاز التعسفي يُعدُّ انتهاكًا لقانون الإجراءات الجزائية اليمني، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي تُعدّ اليمن دولة طرفًا فيه.

إن جميع أطراف النزاع التي تشمل سلطات الأمر الواقع المتمثلة بالمجلس الانتقالي الجنوبي، والحكومة المعترف بها دوليًا، وسلطات الأمر الواقع الحوثية، نفذت عمليات اعتقال تعسفي وإخفاء قسري ومضايقة وتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة ومحاكمات جائرة.

ويتضمن تقرير أصدرته منظمة العفو الدولية في عام 2018 تفاصيل لحالات 51 رجلًا احتجزتهم قوات الإمارات العربية المتحدة وقوات الأمن اليمنية المدعومة إماراتيًا في شبكة سجون سرية في جنوب اليمن، حيث تعمل خارج نطاق سيطرة الحكومة اليمنية. وقد شكَّلت الإخفاءات القسرية الأغلبية العظمى من تلك الحالات.