مصر: ارفعوا حظر السفر المفروض على محاميَّيْن حقوقيَّيْن

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنه يتعين على السلطات المصرية أن ترفع فورًا حظر السفر المفروض على المحاميَّيْن الحقوقيَّيْن البارزَيْن ناصر أمين وهدى عبد الوهاب فيما يتصل بالتحقيقات الجنائية في العمل المشروع للمنظمات غير الحكومية في مجال حقوق الإنسان.

ففي 20 مارس/آذار 2024، بعد 13 عامًا من التحقيقات، أعلنت السلطات إغلاق القضية 173 لسنة 2011، المعروفة على نطاق واسع باسم قضية “التمويل الأجنبي”، والتي تضمنت تجميد أصول ما لا يقل عن سبع منظمات و11 من العاملين في المنظمات غير الحكومية، فضلًا عن فرض حظر السفر على ما لا يقل عن 31 من المدافعين عن حقوق الإنسان وموظفي المنظمات غير الحكومية. وقد رُفع مؤخرًا حظر السفر المفروض على 29 منهم، لكن حظر السفر المفروض في 2016 على ناصر أمين وهدى عبد الوهاب – وهما مؤسسان للمنظمة غير الحكومية المستقلة المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة – ظلَّ ساريًا.

وأُعلن عن قرار إغلاق القضية 173 بعد ثلاثة أيام من إعلان الاتحاد الأوروبي ومصر أنهما يرتقيان بعلاقتهما إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية والشاملة.

وقال محمود شلبي، الباحث المعني بالشؤون المصرية في منظمة العفو الدولية: “تزعم السلطات المصرية أنها أغلقت القضية الصورية رقم 173 ضد المنظمات غير الحكومية، ومع ذلك لا يزال ناصر أمين وهدى عبد الوهاب ممنوعَيْن من السفر تعسفيًا على خلفية التحقيقات الجنائية ضد المنظمات غير الحكومية. يجب رفع الحظر المفروض عليهما فورًا، إلى جانب جميع أشكال حظر السفر التعسفية الأخرى المفروضة على العاملين في المنظمات غير الحكومية والمعتقلين السابقين فيما يتعلق بعدد من القضايا المنفصلة ذات الدوافع السياسية. ويتعين أن تقترن هذه الخطوة التي طال انتظارها بتدابير حقيقية تسمح لمنظمات المجتمع المدني بالعمل بحرية ودون خوف من الترهيب أو الملاحقة القضائية.

“كما تقاعست السلطات عن تقديم تعويضات للمدافعين عن حقوق الإنسان عن الضرر الذي لحق بهم نتيجة لسنوات من المضايقات القضائية، وحملات التشهير، وحظر السفر، وتجميد الأصول”.

تقاعست السلطات عن تقديم تعويضات للمدافعين عن حقوق الإنسان عن الضرر الذي لحق بهم نتيجة لسنوات من المضايقات القضائية، وحملات التشهير، وحظر السفر، وتجميد الأصول.

محمود شلبي، الباحث المعني بالشؤون المصرية

وكان المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة من بين المنظمات غير الحكومية التي تم التحقيق معها في قضية “التمويل الأجنبي” في أواخر 2011. وفتّش أفراد الشرطة والنيابة العامة مكاتب المنظمة في ديسمبر/كانون الأول 2011، وصادروا أجهزة كمبيوتر ووثائق من المبنى.  وفي 30 يناير/كانون الثاني 2012، استجوب قاضي التحقيق ناصر أمين بتهمة “تأسيس وإدارة فرع غير مرخص لمنظمة غير حكومية دولية وتلقي تمويل من جهات أجنبية دون ترخيص من الجهات المختصة”. وأمر القاضي بالإفراج عن ناصر أمين على ذمة التحقيقات.

وفي 2014، بدأت السلطات التحقيق مع منظمات غير حكومية محلية أخرى في القضية 173 وفرضت قرارات حظر السفر وتجميد الأصول ضد ما لا يقل عن 31 من المدافعين البارزين عن حقوق الإنسان والعاملين في المنظمات غير الحكومية، امتدّ بعضها لمدة ست سنوات.

وفي 2015، أحال قاضي التحقيق في القضية 173 التحقيق في المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة إلى مكتب النائب العام، على أساس أن تحقيقات قطاع الأمن الوطني أشارت إلى أن قضيته تختلف عن المنظمات غير الحكومية في القضية، دون تحديد الأسباب، وفقًا لمذكرة كتبها القاضي وراجعتها منظمة العفو الدولية.

ولم تستجوب النيابة ناصر أمين أو هدى عبد الوهاب مطلقًا، لكن في 2016، حظرت عليهما السفر إلى الخارج دون توضيح الأسباب.

وفي 2017، أحالت النيابة العامة ملف القضية إلى نيابة أمن الدولة العليا، التي لم تستدعِ أيًا منهما للاستجواب. وفي 2020، رُفض استئناف ناصر أمين وهدى عبد الوهاب المقدم في 2019 أمام محكمة الجنايات، إلى جانب 12 مدافعًا آخر عن حقوق الإنسان يواجهون أيضًا حظر السفر فيما يتعلق بالقضية.

في الإعلان الصادر في مارس/آذار 2024، أسقط قاضي التحقيق التهم الجنائية الموجهة إلى خمس منظمات غير حكومية مصرية رائدة، وهي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، والمنظمة العربية للإصلاح الجنائي، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومركز النديم لتأهيل ضحايا العنف، والتي كانت لا تزال قيد التحقيق في القضية 173 لسنة 2011. كما رفع القاضي حظر السفر عما لا يقل عن سبعة من العاملين في المنظمات غير الحكومية. وأعلن القاضي أن هذا يُمثل إغلاق القضية، مع إسقاط التهم الموجهة إلى جميع المنظمات غير الحكومية المعنية البالغ عددها 85 منظمة، مشيرًا إلى عدم كفاية الأدلة.

ومع ذلك، وفقًا لناصر أمين، لم يتلقَّ المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة أي إشعارات رسمية بشأن وضعه القانوني بعد الإعلان القضائي. ولا تزال التحقيقات الجنائية ضدهم في القضية 173 معلَّقة أمام نيابة أمن الدولة العليا.

بالإضافة إلى ذلك، لم تتراجع السلطات عن تجميد الأصول المفروض على المدافعين البارزين عن حقوق الإنسان عزة سليمان ومصطفى الحسن وحسام بهجت منذ إغلاق القضية.

وأبلغ ناصر أمين منظمة العفو الدولية أنه قدم شكوى إلى مكتب النائب العام في 2 أبريل/نيسان 2024 يطلب فيها شطب المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة من القضية 173، ورفع حظر السفر عنه وعن هدى عبد الوهاب، ولكنه لم يتلقَّ أي رد حتى الآن.

خلفية

كان المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة في طليعة المنظمات التي تم استهدافها إلى جانب خمس منظمات غير حكومية دولية في القاهرة كجزء من التحقيقات في القضية 173 لسنة 2011.

ففي فبراير/شباط 2012، أحال قاضي التحقيق المنظمات الدولية الخمس، باستثناء المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، إلى المحاكمة، لكنه لم يُسقط التهم الموجهة إلى المركز العربي.  وفي يونيو/حزيران 2013، حُكم على 43 عاملًا أجنبيًا ومصريًا في المنظمات غير الحكومية الخمس الأخرى بالسجن لمدد تتراوح بين سنة وخمس سنوات، وصدرت جميع الأحكام إما غيابيًا أو مع وقف التنفيذ. وفي ديسمبر/كانون الأول 2018، تمت تبرئتهم جميعًا في إعادة المحاكمة، ومع ذلك ظلت التحقيقات الجنائية ضد المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة مفتوحة.

وبمعزل عن القضية 173، تواصل السلطات المصرية استخدام حظر السفر التعسفي لاستهداف المعتقلين السابقين المحتجزين لأسباب سياسية، بما في ذلك المدافعين عن حقوق الإنسان والعاملين في المنظمات غير الحكومية ومحامي حقوق الإنسان والباحثين الأكاديميين.

تشمل الشراكة الاستراتيجية بين مصر والاتحاد الأوروبي التي تم الإعلان عنها في مارس/آذار 2023 7.4 مليار يورو يقدمها الاتحاد الأوروبي على شكل منح وقروض حتى نهاية عام 2027 للمساعدة في استقرار اقتصاد البلاد. وبموجب لوائح الاتحاد الأوروبي نفسه، يجب أن تخضع هذه المساعدة المالية لشروط مسبقة بما في ذلك احترام حقوق الإنسان. قدمت منظمة العفو الدولية و15 منظمة حقوقية مصرية ودولية دليلًا من ثلاث نقاط إلى المفوضية الأوروبية والدول الأعضاء لدعم القانون الدولي وقانون الاتحاد الأوروبي، وضمان أن المساعدة المالية الكلية لمصر الممنوحة بموجب لوائح الاتحاد الأوروبي تضمن إحراز تقدم وإصلاحات ملموسة وقابلة للقياس وهيكلية ومحددة زمنيًا في مجال حقوق الإنسان في البلاد.