صرحت منظمة العفو الدولية اليوم أنه يتعين على السلطات الإسرائيلية إطلاق سراح أحد الأسرى الفلسطينيين، أو توجيه تهم إليه وفق القانون، ومحاكمته في أسرع وقت ممكن، وذلك في أعقاب تنامي المخاوف من احتمال وفاته في الحجز بعد مُضي أكثر من 50 يوماً على بدءه الإضراب عن الطعام. واعتُقل خضر عدنان، ابن الثالثة والثلاثين، بتاريخ 17 ديسمبر/كانون الأول 2011، في مسقط رأسه بقرية عرابة القريبة من مدينة جنين في الضفة الغربية المحتلة، وذلك عقب قيام قوات الأمن الإسرائيلية باقتحام منزله في ساعات الصباح الأولى.ويُزعم أن السيد خضر، الذي يعمل خبازاً، ينتمي إلى حركة الجهاد الإسلامي.وقامت محكمة عسكرية يوم الأربعاء الماضي بمراجعة قضية خضر عدنان، غير أن القاضي لمّا يكشف النقاب عما توصل إليه بعد – أو بعبارة أخرى لم يتضحْ بعد إن كان سوف يُطلق سراح خضر، أو تقليص مدة احتجازه، أو تأييد أمر التوقيف الصادر بحقه. وقالت آن هاريسون، نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية: “دأبت إسرائيل، ولا زالت، طوال سنوات على اللجوء إلى التوقيف الإداري لاعتقال الناشطين الفلسطينيين دون توجيه التهم إليهم أو محاكمتهم.” وأضافت آن هاريسون قائلةً: “بمقدور القادة العسكريين تجديد أوامر توقيف الأفراد بشكل متكرر، ويمكن بالتالي احتجازهم إلى ما لا نهاية. ويُعدُ هذا الأمر مخالف لحق الأشخاص في الحصول على محاكمة عادلة، وهو حق يضمنه القانون الدولي الذي ينبغي أن تكون إسرائيل ملزمة بضرورة احترامه ومراعاته.”وقد بدأ خضر عدنان، الذي يتابع دراساته العليا أيضاً، إضرابه عن الطعام يوم 18 ديسمبر/ كانون الأول الماضي احتجاجاً على سوء المعاملة التي يلقاها، وظروف احتجازه، وسياسة التوقيف الإداري.”وقد أصدر قائد المنطقة العسكرية الإسرائيلي في الضفة الغربية الشهر الماضي أمراً يقضي بتوقيف خضر عدنان إدارياً مدة أربعة أشهر. وقد أُدخل الخباز خضر إلى المستشفى يوم 30 ديسمبر/ كانون الأول عقب تدهور حالته الصحية. ولم يُسمح لأفراد أسرته بزيارته، وقامت السلطات الإسرائيلية بنقله منذ ذلك الحين إلى عدة مستشفيات مختلفة في كافة أرجاء البلاد.و قد جرى نقله إلى مستشفى “زيف” بشمال إسرائيل يوم الأحد، في إجراء يهدف حسب ما يعتقد محاموه إلى ممارسة المزيد من الضغوط عليه، وزيادة مدى صعوبة قيام المحامين وأفراد أسرته بزيارته. وأضافت آن هاريسون: “ينبغي على السلطات الإسرائيلية الإفراج عن خضر عدنان وغيره من الأسرى الفلسطينيين الموقوفين إدارياً، إلا إذا جرى وبأسرع وقت ممكن توجيه التهم إليهم بارتكاب جرائم معتبرة دولياً، ومحاكمتهم بالتالي حسب المعايير الدولية المعتمدة في مجال توفير المحاكمات المعادلة.” ووردت تقارير تفيد بأن خضر قد خسر حوالي 20 كيلوغراماً من وزنه منذ أن بدأ إضرابه عن الطعام، وقد تردت حالته الصحية بشكل خطير. وفي 29 يناير/ كانون الأول الماضي، زاره أطباء من فرع منظمة “أطباء من أجل حقوق الإنسان” في إسرائيل، حيث قاموا بإجراء فحوصات له محذرين من وجود خطورة على حياته. وقد حُرم خضر منذ ذلك التاريخ من الخضوع لفحوصات طبية يجريها أطباء من جهات مستقلة. وقد أثار إضرابه عن الطعام تظاهرات في الضفة الغربية وقطاع غزة، وأعلن أسرى فلسطينيون آخرون في السجون الإسرائيلية بدء إضرابهم عن الطعام تضامناً مع خضر عدنان. ويمكن تجديد أوامر التوقيف الإداري إلى ما لا نهاية، حيث أنه أحد الإجراءات التي تتيح لإسرائيل احتجاز الأشخاص الذين تعتبرهم مصدر تهديد لأمنها دون إسناد أي تهم إليهم، ولمدة قد تصل إلى ستة أشهر بدايةً.ولكن لا تُسند أي تهم جنائية إلى الموقوفين إدارياً في المعتاد، ولا تتوافر النية لإحالتهم إلى المحاكم.ويجري احتجاز الموقوفين إدارياً بناءً على “أدلة سرية” تزعم السلطات العسكرية في إسرائيل أنه ليس بوسعها الإفصاح عنها لأسباب أمنية.ولا يُتاح للمحتجزين أو محاميهم الإطلاع على تلك “الأدلة السرية” التي تعتمد السلطات العسكرية عليها لدى اتخاذها القرار بشأن إصدار أوامر التوقيف الإداري؛ كما أنه لا يُتاح للموقوفين الطعن في الأسباب التي جرى اعتمادها كأساس لاحتجازهم أو توقيفهم.وبحسب مصادر مصلحة السجون في إسرائيل، فقد ظل حوالي 307 فلسطيني موقوفين إدارياً مع نهاية عام 2011 ، غير أن هذا العدد مرشح للزيادة منذ ذلك الحين.ولا يزال حوالي 21 عضواً من أعضاء المجلس التشريعي محتجزين في هذه الأثناء تحت بند التوقيف الإداري.وتعتقد منظمة العفو الدولية بأن اللجوء إلى ممارسة التوقيف الإداري في إسرائيل والأراضي المحتلة ينتهك الحق المعترف به دوليا فيما يتعلق بالحصول على محاكمة عادلة، وهو حق ينبغي احترامه لكافة المحتجزين أو الموقوفين، وحتى في ظل فرض حالة الطوارئ. وأضافت آن هاريسون قائلة: “يتيح القانون الإسرائيلي العسكري المطبق في الأراضي الفلسطينية المحتلة للسلطات هامشاً واسعاً لتوجيه التهم للأشخاص ومحاكمتهم أمام محاكم عسكرية – إن هم صُنّفوا على أنهم يشكلون تهديداً لأمن إسرائيل.”وأردفت هاريسون مضيفةً: “وعلى الرغم من ذلك كله، فلا تزال السلطات الإسرائيلية ماضية في استخدام التوقيف الإداري لاحتجاز الفلسطينيين دون توجيه أي شكل من أشكال الاتهام إليهم أبداً، بمن فيهم الأشخاص الذين ما كان ينبغي اعتقالهم في بادئ الأمر، كونهم من سجناء الرأي.”واختتمت آن هاريسون تعليقها بالقول بأنه “ينبغي الإفراج فوراً ودونما قيد أو شرط عن كل مَن يجري توقيفه لا لشيء سوى لممارسته السلمية لحقه في حرية التعبير عن الرأي، والتجمع وتشكيل الجمعيات.”