أسئلة وأجوبة: نظام الفصل العنصري (أبارتهايد) الإسرائيلي ضد الفلسطينيين نظامٌ قاسٍ يقوم على الهيمنة وجريمة ضد الإنسانية

1. استخدم العديد من المنظمات غير الحكومية مصطلح “الفصل العنصري” (أبارتهايد) لوصف معاملة إسرائيل للفلسطينيين. فبماذا يختلف عن ذلك تقرير منظمة العفو الدولية؟

خلصت منظمة العفو الدولية إلى أن السلطات الإسرائيلية تفرض نظام فصل عنصري ضد جميع الفلسطينيين الذين يعيشون تحت سيطرتها الفعلية – سواء كانوا يعيشون في إسرائيل أو الأراضي الفلسطينية المحتلة أو في بلدان أخرى كلاجئين. ويقدّم تقريرنا أدلة جديدة على الطبيعة المؤسسية للاضطهاد الإسرائيلي للفلسطينيين، وعلى أن القوانين والسياسات الإسرائيلية مصمَّمة تحديداً لحرمان الفلسطينيين من حقوقهم.

وثمة مجموعة متزايدة من الأعمال والبحوث المتعلقة بمسألة الفصل العنصري والصادرة عن منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية والإسرائيلية والدولية، بالإضافة إلى إسهامات المحامين والكتاب والأكاديميين، ومنها البحوث التي أصدرتها مؤخراً منظمتا حقوق الإنسان الإسرائيليتان، ييش دين وبتسيلم، فضلاً عن منظمة هيومن رايتس ووتش.  وأسهمت هذه المنظمات في طيف واسع من التحليلات ضمن الإطار القانوني لنظام الفصل العنصري. وخلصت هيومن رايتس ووتش إلى أن الحكومة الإسرائيلية أظهرت نيتها في الحفاظ على هيمنة اليهود الإسرائيليين على الفلسطينيين في جميع أنحاء إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة. كما توصلت منظمة ييش دين إلى هذا الاستنتاج في الضفة الغربية، على وجه التحديد. ووجدت بتسليم أن إسرائيل تديم نظام الفصل العنصري ضد الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكذلك الفلسطينيين الذين يعيشون داخل حدودها.

2. لماذا تصدر منظمة العفو الدولية هذا التقرير الآن؟

تبنت منظمة العفو الدولية سياسة عالمية بشأن انتهاك حقوق الإنسان وجريمة الفصل العنصري، في عام 2017، بعد إدراكنا بأننا لم نولِ اهتماماً كافياً لحالات التمييز المجحف والقمع الممنهجين في جميع أنحاء العالم. وقد مكننا ذلك من دراسة الحالات المحتملة للفصل العنصري عالمياً على أساس ثابت. على سبيل المثال، في عام 2017، أصدرنا تقريراً خلص إلى أن حكومة ميانمار تُخضع شعب الروهينغيا لنظام فصل عنصري.

ولفترة طويلة للغاية، وضع المجتمع الدولي حقوق الإنسان جانباً عند التعامل مع قضية إسرائيل والفلسطينيين. وظل الفلسطينيون الذين يعانون من وحشية القمع الإسرائيلي يدعون إلى فهم حكم إسرائيل على أنه فصل عنصري لأكثر من عقدين. ومع مرور الوقت، بدأ يتبلور اعتراف دولي أوسع بمعاملة إسرائيل للفلسطينيين على أنه فصل عنصري. وهذه هي بعض الأسباب التي دفعتنا إلى اتخاذ قرار الشروع في التحقيق في جريمة الفصل العنصري المحتملة في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة.

3. ما الفرق الذي تُحدثه تسمية الحالة بأنها “نظام فصل عنصري”؟

إن الفصل العنصري هو في الوقت نفسه ظلم دولي وجريمة ضد الإنسانية. وعندما تُرتكب جريمة ضد الإنسانية، فإنه يقع على عاتق المجتمع الدولي التزام بمساءلة مرتكبيها. ونأمل أنه من خلال تسليط مزيد من الضوء على نظام إسرائيل التمييزي المجحف للهيمنة على الشعب الفلسطيني، سنكثف الجهود الرامية إلى تفكيك السياسات والممارسات الضارة التي تمنع الفلسطينيين من العيش على قدم المساواة في الحقوق والكرامة.‎ ولا يمكن تحقيق ذلك إلا عندما يحاسب المجتمع الدولي الحكومة الإسرائيلية، والأطراف الأخرى المتواطئة.‎

4. ما هي الأدلة التي يستند إليها هذا التقرير؟

أجرت منظمة العفو الدولية بحثاً وتحليلاً لغايات إعداد هذا التقرير في الفترة بين يوليو/تموز 2017 ونوفمبر/تشرين الثاني 2021. وقد قمنا بتحليل مستفيض للتشريعات والأنظمة والأوامر العسكرية والتوجيهات الحكومية والبيانات الصادرة عن المسؤولين الحكوميين والعسكريين ذات الصلة. كما قمنا بمراجعة الوثائق الرسمية المتاحة للعموم، من قبيل أرشيف البرلمان الإسرائيلي ووثائق وخطط التخطيط والترسيم، والموازنات الحكومية، والأحكام الصادرة عن المحاكم الإسرائيلية.

وقمنا بتحليل الوثائق التي تراكمت لدى منظمة العفو الدولية على مدى عقود بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، بالإضافة إلى تقارير وكالات الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان، في إطار نظام الفصل العنصري. ولإعداد دراسات الحالات الواردة في التقرير، أجرت منظمة العفو الدولية عشرات المقابلات مع المجتمعات الفلسطينية في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة في الفترة بين فبراير/شباط 2020 ويوليو/تموز 2021.

كما استشرنا العديد من ممثلي المنظمات غير الحكومية الفلسطينية والإسرائيلية والدولية، بالإضافة إلى وكالات الأمم المتحدة والأكاديميين والخبراء القانونيين ومزاولي المهن القانونية. كما طلبنا مشورة خبراء خارجيين في مجال القانون الدولي، قبل البحث والتحليل القانوني وأثنائهما. وبالإضافة إلى ذلك، قام خبراء، ممن يتمتعون بمعرفة متخصصة في مسألة الفصل العنصري في القانون الدولي، بمراجعة النصوص الكتابية للحجج القانونية والنتائج الواردة في مسودة التقرير.

5. ما هو الفصل العنصري؟

الفصل العنصري هو انتهاك للقانون الدولي العام، وانتهاك جسيم لحقوق الإنسان، وجريمة ضد الإنسانية. ويمكن أن يُنظر إليه كنظام (يتكوَّن من قوانين وسياسات وممارسات)، وكجريمة (أفعال محددة) على السواء.

ومن الأسهل تفسير الفصل العنصري كنظام من النظرة الأولى على تعريفات جريمة الفصل العنصري، فهذه التعريفات منصوص عليها في “الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها”، (اتفاقية الفصل العنصري)، و”نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية” (نظام روما الأساسي).

وتُعرّف هاتان المعاهدتان الفصل العنصري بأنه جريمة ضد الإنسانية تقع عندما يُرتكب أي فعل “وحشي” أو “لاإنساني” في سياق “نظام مؤسسي” “للقمع” و”الهيمنة” الممنهجين من قِبل فئة عنصرية ما ضد فئة عنصرية أخرى بصورة منهجية بقصد إدامة هذا النظام. وتشمل الأفعال الوحشية/اللاإنسانية عمليات القتل غير المشروع والإصابة بجروح بالغة والتعذيب والنقل القسري والاضطهاد والحرمان من الحقوق والحريات الأساسية.

بيد أن التعريفات الواردة في نظام روما الأساسي واتفاقية الفصل العنصري ليست متطابقة. ويوضح تقريرنا بالتفصيل كيف تنطبق عناصر كل من المعاهدتين على الأوضاع في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة.

ولتحديد جريمة الفصل العنصري، من الضروري إظهار أن ثمة نظاماً للاضطهاد والهيمنة يعمل. واستناداً إلى تفسيرات خبراء قانونيين، فإن منظمة العفو الدولية تعتبر أن هذا يعني المعاملة الممنهجة والطويلة الأمد والقاسية التي تقوم على التمييز المجحف من قبل فئة عنصرية ما من الأشخاص ضد فئة عنصرية أخرى بغرض السيطرة عليها.

6. في أية وثائق يأتي القانون الدولي على ذكر نظام الفصل العنصري؟

كانت الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لعام 1965 الصك الأول في القانون الدولي لحقوق الإنسان الذي يحظر الفصل العنصري. إلا أنها لا تُعرّف الفصل العنصري على نحو صريح، بل تُدين “السياسات الحكومية القائمة علي أساس التفوق العنصري أو الكراهية العنصرية مثل سياسات الفصل العنصري أو العزل أو التفرقة.”

ولعلَّ أفضل نص يحظر الفصل العنصري في القانون الدولي العام نجده في الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية المتعلق بوجود جنوب أفريقيا في ناميبيا، حيث يُعرّف الانتهاك بأنه “تمييز وإقصاء وفرض قيود وحدود تقوم حصراً على أساس العنصر أو اللون أو النسب أو الأصل الوطني أو العرقي، وتشكل حرماناً من حقوق الإنسان الأساسية.

وعند تطبيق هذه التعريفات في تقريرنا، أخذنا أيضاً بعين الاعتبار المراجع في القانون الجنائي الدولي لأنظمة القمع والهيمنة. وبموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي العام، يُحظر على الدول إقامة وإدامة أنظمة (أو نُظم) اضطهاد وهيمنة تمارسها فئة عنصرية ما ضد فئة عنصرية أخرى.

7. هل توصلت منظمة العفو الدولية إلى نتيجة تفيد بأن الفصل العنصري يحدث في أماكن أخرى؟

نعم. ففي عام 2017 أطلقت منظمة العفو الدولية تقريراً أظهرت فيه أن حكومة ميانمار تُخضع جماعة الروهينغيا لنظام فصل عنصري.

ومن المهم أن نذكر أن أنظمة الاضطهاد والهيمنة لن تكون متطابقة أبداً، وأن تقريرنا لا يسعى إلى عقد مقارنات أو أوجه تشابه بين معاملة الفلسطينيين ومعاملة الروهينغيا.

ومع أن المجتمع الدولي بدأ باستخدام مصطلح الفصل العنصري رداً على النظام السياسي في جنوب أفريقيا، فإن الاتفاقيات والمعاهدات التي تدين وتحظر وتجرّم الفصل العنصري كُتبت بصيغة عالمية. ولا يجادل تقريرنا بأن نظام الفصل العنصري المفروض من قبل إسرائيل هو النظام نفسه الذي كان مفروضاً في جنوب أفريقيا في الفترة الواقعة بين عام 1948 وأواسط التسعينيات من القرن المنصرم، أو يُقارن به، وإنما يحلل التمييز الممنهج الذي تمارسه إسرائيل على الفلسطينيين بموجب تعريفات الفصل العنصري في القانون الدولي.

8. لماذا تشيرون إلى اليهود والفلسطينيين بأنهم “فئات عرقية”؟

إن منظمة العفو الدولية ليست في موقع تقرير ما الذي يشكل فئة عرقية. إذ أن تحليلنا الوارد في هذا التقرير يقوم على كيفية استخدام هذا المصطلح في إطار الفصل العنصري في القانون الدولي: أي كمفهوم ذاتي يقوم على تصوُّر فئة مهيمنة لفئة أخرى. ففي نظام الفصل العنصري يعامِل مرتكب هذه الجريمة الفئة العرقية التي تخضع للهيمنة على أنها مختلفة عنه وفي وضع أدنى منه بناءً على اعتبارات بدنية أو ثقافية خاصة.

إن اليهود الإسرائيليين والفلسطينيين يحددون هويتهم كفئتين مختلفتين. وبشكل حاسم، كما يُظهر تقريرنا، من المهم توضيح أنّ القانون الإسرائيلي يعامل الفلسطينيين كفئة أدنى ومنفصلة بصفتهم عرب وغير يهود على أساس عرقي عنصري. وقد ورد ذلك بوضوح في قانون القومية لعام 2018 الذي يعلن أن “إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي”، وأن “حق تقرير المصير في دولة إسرائيل هو حق حصري للشعب اليهودي.” ولا يعترف هذا القانون بأية هوية قومية أخرى على الرغم من أن الفلسطينيين يشكلون %19 من السكان داخل إسرائيل. وهكذا فإن القانون الإسرائيلي يكرّس “قومية يهودية” متفوقة تختلف عن الجنسية.

9. كيف ترقى معاملة إسرائيل للفلسطينيين إلى درجة الفصل العنصري؟

منذ أن أُنشئت دولة إسرائيل في عام 1948، صيغت سياساتها وقوانينها من أجل تحقيق هدف أشمل: وهو إدامة أغلبية ديمغرافية يهودية وبسط أكبر درجة ممكنة من السيطرة الإسرائيلية اليهودية على الأرض على حساب الفلسطينيين.

ومن أجل تحقيق هذا الهدف دأبت الحكومات المتعاقبة، على نحو متعمد، على فرض نظام اضطهاد وهيمنة ضد الفلسطينيين. أما المكونات الرئيسية لهذا النظام فهي: شرذمة المناطق؛ التفرقة والعزل والسيطرة؛ نزع ملكية الأراضي والممتلكات؛ الحرمان من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

وفيما يلي بعض الأمثلة على هذا النظام في الممارسة العملية:

  • فرض قيود مشددة على حرية التنقل في الضفة الغربية من خلال شبكة الحواجز العسكرية وإغلاق الطرق، بالإضافة إلى نظام التصاريح الذي يرغم الفلسطينيين الذين يرغبون في زيارة مناطق أخرى في الأراضي الفلسطينية المحتلة على طلب تصاريح عسكرية إسرائيلية.
  • مكانة مواطنة متفوقة للمواطنين اليهود في إسرائيل تختلف عن الجنسية وهي أساس المعاملة التفضيلية للمواطنين اليهود التي تختلف عن المعاملة لغير اليهود. والفلسطينيون محرومون من هذا المكانة.
  • حرمان الفلسطينيين في القدس الشرقية، بصورة ممنهجة، من تراخيص البناء، الأمر الذي يؤدي إلى عمليات هدم المنازل والإخلاء القسري بشكل متكرر. كما أن توسيع المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في القدس الشرقية يرغم الفلسطينيين على ترك منازلهم ويحصر السكان الفلسطينيين في معازل أصغر شيئاً فشيئاً.
  • حرمان اللاجئين الفلسطينيين من حقهم في العودة إلى ديارهم المحمي بموجب القانون الدولي؛ حيث تمنع إسرائيل العائلات الفلسطينية المهجّرة من العودة إلى قراها أو منازلها السابقة في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة من أجل إدامة السيطرة الديمغرافية.
  • فرض قيود على الوصول إلى الأراضي ومناطق صيد الأسماك في قطاع غزة، مما يؤدي إلى تفاقم الأضرار الاجتماعية- الاقتصادية للحصار الإسرائيلي غير القانوني.

10. تذكر اتفاقية الفصل العنصري “الأفعال اللاإنسانية” كأحد معاييرها. ما هي الأفعال اللاإنسانية التي ارتكبتها إسرائيل؟

تخضع السلطات الإسرائيلية، بصورة ممنهجة، الفلسطينيين للعديد من الأفعال التي تُعتبر وحشية أو لاإنسانية بموجب اتفاقية الفصل العنصري ونظام روما الأساسي.

ولغايات إعداد هذا التقرير فحصت منظمة العفو الدولية ما يلي: أفعال النقل القسري؛ والاعتقال الإداري والتعذيب؛ وعمليات القتل والإصابة بجروح بالغة بصورة غير مشروعة؛ والحرمان من الحقوق والحريات الأساسية؛ والاضطهاد، التي تُرتكب ضد السكان الفلسطينيين في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة والمرتبطة بنظام القوانين والسياسات والممارسات القائمة على التمييز المجحف.

ووجدنا أن هذه الأفعال تشكل جريمة فصل عنصري، وهي جريمة ضد الإنسانية، لأنها تُرتكب في سياق الاضطهاد والهيمنة الممنهجة، وبقصد إدامة ذلك النظام.

فعلى سبيل المثال، في الأراضي الفلسطينية المحتلة تلجأ القوات الإسرائيلية بانتظام إلى القوة المميتة لقمع الاحتجاجات التي يقوم بها الفلسطينيون الذين يطالبون باحترام حقوقهم. فأثناء مسيرة العودة الكبرى على طول الحدود بين إسرائيل وغزة، وهي سلسلة من الاحتجاجات الجماهيرية الأسبوعية ضد الحصار وإقصاء اللاجئين الفلسطينيين، قتلت القوات الإسرائيلية 214 مدنياً، بينهم 46 طفلاً، وجرحت أكثر من 8,000 آخرين.

11. هل تعرّض الفلسطينيون من حملة الجنسية الإسرائيلية أيضاً لـ”أفعال لاإنسانية”؟

تُقر منظمة العفو الدولية بأن الأفعال الوحشية أو اللاإنسانية داخل إسرائيل تُرتكب بدرجة أقل وبطريقة أقل عنفاً بكثير من تلك التي ترتكبها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة. بيد أن تقريرنا يوثّق وقوع انتهاكات داخل إسرائيل تصل إلى درجة الأفعال اللاإنسانية، وفي سياق نظام الهيمنة والاضطهاد الأوسع نطاقاً، تصل إلى درجة الفصل العنصري كجريمة ضد الإنسانية.

فعلى سبيل المثال، نفذت السلطات الإسرائيلية، على نحو متكرر، عمليات هدم منازل وعمليات إخلاء قسري للبدو الفلسطينيين في منطقة النقب، ما يصل إلى حد النقل القسري.

وبموجب اتفاقية الفصل العنصري ونظام روما الأساسي، يمكن أن تشمل الأفعال الوحشية/اللاإنسانية انتهاكات ممنهجة، فضلاً عن الأفعال العنيفة بطبيعتها. وفي قائمة الأفعال التي يمكن أن تشكل جريمة الفصل العنصري، تشمل اتفاقية الفصل العنصري الأفعال التالية:

“… اتخاذ أية تدابير يُقصد بها منع فئة أو فئات عنصرية من المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية للبلد، وتعمُّد خلق ظروف تحول دون النماء التام لهذه الفئة أو الفئات، بحرمان أعضاء هذه الفئة أو الفئات من “حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، بما فيها الحق في العمل، والحق في تشكيل نقابات معترف بها، والحق في التعليم، والحق في مغادرة الوطن والعودة إليه، والحق في الجنسية، والحق في حرية التنقل والإقامة، والحق في حرية الرأي والتعبير، والحق في حرية التجمع السلمي وحرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها.”

ومن بين بعض الأفعال اللاإنسانية التي تمّ توثيقها في إسرائيل:

  • حرمان اللاجئين الفلسطينيين من حقهم في العودة إلى قراهم أو منازلهم.
  • حرمان اللاجئين الفلسطينيين، ومَن يُطلق عليهم اسم “الغائبون الحاضرون” من استرداد منازلهم وأراضيهم وممتلكاتهم.
  • الإدارة العنصرية للأراضي العامة، التي توافق عليها الدولة، التي استبعدت الفلسطينيين من استئجار القسم الأكبر من مساحة الأراضي العامة والمساكن، أو الوصول إليها أو تطويرها أو امتلاكها.
  • فرض قيود تمييزية على لمِّ شملها العائلات، والحق في الزواج، وفي حصول الزوج أو الزوجة على تصريح الإقامة.

ويتطرق تقريرنا إلى الشرعنة القانونية للعديد من هذه الأفعال الوحشية واللاإنسانية في القانون الاسرائيلي، وإلى فشل المحاكم الإسرائيلية في إيجاد الحلول أو وضع حد لهذه الانتهاكات.

إن التمييز المجحف في معاملة الفلسطينيين من حملة الجنسية الإسرائيلية أمر جوهري لفهم نظام الاضطهاد والهيمنة الإسرائيلي على الفلسطينيين. غير أن جريمة الفصل العنصري لا تقتضي أن يتعرَّض جميع أفراد فئة عرقية ما لأفعال لاإنسانية على نحو متَّسق؛ إذ أن العنصر الرئيسي هنا يتمثل في أن هذه الأفعال تُرتكب في إطار النظام الأوسع.

12. يتمتع الفلسطينيون من حملة الجنسية الإسرائيلية بحقوق أكثر من نظرائهم الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة – فكيف يمكنكم القول إنهم يخضعون للنظام نفسه؟

يعترف تقريرنا بوجود هذه الفروق. وبينما يوجد فلسطينيون من حملة الجنسية الإسرائيلية يخدمون في البرلمان الإسرائيلي وفروع الحكومة الأخرى، أو قد يكونون محظوظين بما يكفي للتميز في مهنهم، فإن هذا لا ينفي استنتاجنا بأن نظام القمع والهيمنة يمتد إلى الفلسطينيين المقيمين داخل الحدود الإسرائيلية. لقد عرضنا أمثلة على هذا التمييز الممنهج في الإجابات على السؤال أعلاه.

كما أن من المهم إدراك أن الشرذمة الجغرافية للشعب الفلسطيني تُعتبر بحد ذاتها عنصراً أساسياً من عناصر نظام الفصل العنصري. ففي إسرائيل والقدس الشرقية وبقية أجزاء الضفة الغربية وقطاع غزة، بالإضافة إلى مجتمعات اللاجئين، تقوم إسرائيل بتشغيل أنظمة إدارية وقانونية مترابطة للسيطرة على الفلسطينيين. وإن النظر إلى هذه المناطق على نحو منفصل إنما يُفقدنا رؤية الصورة الكاملة.

إن المعاملة المتفاوتة حيال اليهود الإسرائيليين والفلسطينيين من قبل الحكومة الإسرائيلية لا تعرف حدوداً. فعلى سبيل المثال، تقدم إسرائيل سائر أشكال الحماية والخدمات لليهود الإسرائيليين الذين يعيشون في المستوطنات غير القانونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في الوقت الذي تحرم فيه الفلسطينيين في هذه المناطق من الحقوق الإنسانية الأساسية.

13. هل تنطبق نتائج بحثكم على الفلسطينيين الذين يحملون الآن جنسيات بلدان أخرى، بعد وصولهم إلى تلك البلدان كلاجئين؟

نعم. فإسرائيل تحرم اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون خارج إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة من الحق في الحصول على جنسية، وتمنعهم من العودة إلى منازلهم. وهذا يعتبر انتهاكاً جسيماً لحقهم في مغادرة وطنهم والعودة إليه، وحقهم في الحصول على حقوق مواطنة، وحقهم في حرية التنقل والإقامة. وإن إقصاء اللاجئين الفلسطينيين يعدُّ أمراً أساسياً لأهداف إسرائيل الديمغرافية.

وعندما تُرتكب هذه الانتهاكات بقصد السيطرة على السكان الفلسطينيين ككل، فإنها تسهم في إدامة نظام الاضطهاد والهيمنة، وتصل إلى درجة الأفعال الوحشية/اللاإنسانية التي تلبّي معايير الفصل العنصري.

14. لماذا تستنتجون أن إسرائيل تبقي على حكم الفصل العنصري على الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة في حين أنهما تحت سيطرة السلطات الفلسطينية؟

تعمل السلطات الفلسطينية بقيادة حركة فتح في الضفة الغربية وإدارة حركة حماس بحكم الأمر الواقع في قطاع غزة تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي. وتحتفظ إسرائيل بالسيطرة الفعلية على هذه الأراضي، بما في ذلك السكان الفلسطينيون الذين يعيشون هناك، ومواردهم الطبيعية، وحدودهم البرية والبحرية ومجالهم الجوي، باستثناء حدود غزة الجنوبية القصيرة مع مصر. وفي بعض المناطق في الضفة الغربية وغزة، تكون السلطة الفلسطينية محدودة للغاية – مثلاً حيثما توجد مستوطنات أو حواجز عسكرية تقيّد إمكانية التنقل.

15. هل تدين منظمة العفو الدولية انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها السلطات الفلسطينية أيضاً؟

نعم. رغم أن هذا ليس موضوع هذا التقرير، فقد وثقت منظمة العفو الدولية باستمرار الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها السلطات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة. نحن نشارك تقارير بشكل معتاد عن الهجمات غير القانونية التي تشنَّها الجماعات المسلحة الفلسطينية ضد المدنيين الإسرائيليين وندينها. ويشمل ذلك عمليات إطلاق صواريخ عشوائية من غزة على إسرائيل، التي دعوْنا المحكمة الجنائية الدولية إلى التحقيق فيها كجرائم حرب.

كما وثقنا انتهاكات حقوق الإنسان ضد الفلسطينيين من قبل السلطات الفلسطينية، بما في ذلك التعذيب، والاحتجاز التعسفي، والقيود المفروضة على حرية التعبير، والاستخدام المفرط للقوة ضد المحتجين.

16. اتهم أنصار الحكومة الإسرائيلية منظمة العفو الدولية في الماضي “باستفراد إسرائيل”. كيف تردون على تلك الادعاءات؟

توثق منظمة العفو الدولية انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الحكومات في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك السلطات الفلسطينية، ونطبق نفس المعايير والسياسات عند تقييم سجلات حقوق الإنسان لجميع الدول. وتبين نظرة سريعة على صفحتنا الخاصة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا الانتباه الذي نعيره لانتهاكات الحقوق التي تقع في شتى أنحاء المنطقة.

وتفضل العديد من الدول ألا يتم فضح انتهاكاتها لحقوق الإنسان. من خلال تجربتنا، نرى أنه من الشائع جدا أن تحاول الدول صرف الانتباه عن النتائج التي توصلنا إليها بتهم من قبل التحيز، خاصة إذا لم يكن لديها رد ملموس على أدلة ارتكاب الانتهاكات.

17. ألا تضع إسرائيل السياسات التي قمتم بتوثيقها من أجل مواجهة التهديدات الأمنية؟

إن لإسرائيل، شأنها شأن جميع البلدان، الحق في حماية جميع الأشخاص الخاضعين لسيطرتها، وفي ضمان أمن أراضيها- وعليها واجب الالتزام بذلك- بموجب القانون الدولي طبعاً. بيد أن السياسات المرتبطة بالأمن يجب أن تلتزم بالقانون الدولي، وأن تكون متناسبة مع التهديد الماثل.

إلا أن السلطات الإسرائيلية تبرر العديد من السياسات الواردة في هذا التقرير بأسباب أمنية، ومن بين تلك السياسات مصادرة الأراضي، ورفض منح تراخيص البناء والتخطيط، وإلغاء تصاريح الإقامة، وفرض قيود على حرية التنقل، وسنُّ القوانين التمييزية المتعلقة بلمّ شمل العائلات. وقد فحصت منظمة العفو الدولية جميع المبررات الأمنية التي أوردتها إسرائيل، ووجدت أنها استُخدمت كذرائع لأفعال مدفوعة بنوايا السيطرة على الشعب الفلسطيني واستغلال موارده.

على سبيل المثال، إن حرمان الفلسطينيين التمييزي المجحف والقاسي المطول من الوصول إلى أراضيهم وممتلكاتهم، التي تم الاستيلاء عليها بطريقة عنيفة وتمييزية مجحفة، ليس له أي مبرر أمني. ولا يوجد أساس أمني للتفرقة الفعلية للفلسطينيين من حملة الجنسية الإسرائيلية من خلال قوانين تنطوي على التمييز المجحف بخصوص التخطيط وإمكانية الحصول على المساكن، أو لحرمانهم من حقهم في المطالبة بممتلكاتهم ومنازلهم التي تم الاستيلاء عليها بموجب سلطة قوانين عنصرية. وبالمثل، لا يمكن إيجاد مبرر بالاستناد إلى الاعتبارات الأمنية للتدخل التعسفي الذي يتسم بالتمييز المجحف في حق الفلسطينيين من حملة الجنسية الإسرائيلية في الزواج، وفي نقل الحق في الإقامة إلى من يتزوّجون وإلى أطفالهم، في غياب أدلة على أن أشخاصاً بعينهم يشكلون تهديداً.

وفي سياق احتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة، يمكن لبعض القيود على حقوق الإنسان أن تكون جائزة بموجب القانون الدولي الإنساني، إذا ما طُبقت بحُسن نية. إلا إن تبرير المعاملة التفضيلية لا يمكن أن يمتد إلى استيطان يهود إسرائيليين في الأراضي المحتلة، كما إنه لا يمكن أن يمتد إلى أعمال القتل العمد، والقتل المُستهدف، والتعذيب والترحيل والنقل القسري للسكان، وهي الأعمال التي تُرتكب في الأراضي الفلسطينية المحتلة على مدى سنوات.

وتحافظ إسرائيل على سرية المعلومات المتعلقة بالأمن، ما يعني أن الأشخاص الذين تُنتهك حقوقهم باسم الأمن لا سبيل حقيقياً أمامهم للطعن بها.

ويقدم التقرير أمثلة عديدة على السياسات التي كانت فيها مقاصد الهيمنة والاضطهاد الواضحة وغير المشروعة تفوق الاعتبارات الأمنية الحقيقية.

18. إنكم تدعون إلى تفكيك نظام الفصل العنصري الإسرائيلي. هل هذا يعني تفكيك دولة اسرائيل؟

لا، لأن تركيز منظمة العفو الدولية منصبٌّ فقط على انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الدول، وليس على شرعية الحكومات أو الدول نفسها. فعلى سبيل المثال، من سياستنا أننا لا ندعو إلى “تغيير نظام حكم” مطلقاً؛ وبدلاً من ذلك، نقدم للحكومات توصيات بشأن كيفية جعل أفعالها متوافقة مع القانون الدولي.

تدرك منظمة العفو الدولية أن كلا الشعبين اليهودي والفلسطيني يطالبان بالحق في تقرير المصير.

وإلى جانب ذلك، يوجّه التقرير مجموعات كاملة من التوصيات لدولة إسرائيل، وقد طلبنا عقد اجتماعات مع المسؤولين الإسرائيليين لمناقشتها. ودولة إسرائيل عضو في الأمم المتحدة منذ إنشائها عام 1948. وهي طرف في الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان ومعاهدات أخرى، وبالتالي يجب أن تحترم هذه الالتزامات، بما في ذلك من خلال دعم الحق في المساواة وعدم التمييز المجحف، ووضع حد لخروقات القانون الدولي ومعالجتها.

هذا التقرير هو دعوة للحكومة الإسرائيلية لإجراء الإصلاحات اللازمة من أجل امتثال إسرائيل لالتزاماتها بموجب القانون الدولي. وفي هذا الصدد، وكمثال على ذلك، لا يحظر القانون الدولي على إسرائيل تشجيع الهجرة اليهودية، ولكن لا يمكن أن يقترن ذلك بالتمييز المجحف ضد الفلسطينيين الذين يمارسون حقهم في العودة، أو أن يساهم بطريقة أخرى في اضطهاد الفلسطينيين والهيمنة عليهم.

19. من خلال مطالبتكم لإسرائيل بتفكيك نظام الفصل العنصري، هل تدعون إلى دولة واحدة ثنائية القومية بدلاً من إسرائيل وإلى دولة فلسطينية في المستقبل؟

هذه قضية سياسية، وبالتالي، فإن المنظمة لا تتخذ موقفاً من هذا الحل أو من حل الدولتين، أو الكونفدرالية أو أية ترتيبات أخرى محتملة.

إن دعوتنا الوحيدة من أي حل سياسي هي أن يكون هذا الحل مبني على احترام القانون الدولي، بما في ذلك حقوق الإنسان الدولية والقانون الجنائي الدولي.

20.  لماذا تدعو منظمة العفو الدولية إلى فرض عقوبات؟

إن منظمة العفو الدولية تدعو مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى فرض عقوبات مستهدِفة، من قبيل حظر السفر وتجميد الأصول، ضد المسؤولين الإسرائيليين الأكثر ضلوعاً في جريمة الفصل العنصري، وإلى فرض حظر شامل على توريد الأسلحة إلى إسرائيل، وذلك من أجل منع إسرائيل من ارتكاب جرائم حرب وغيرها من الانتهاكات الجسيمة.

لكننا لا ندعو إلى فرض عقوبات اقتصادية واسعة النطاق أو أية عقوبات غير مستهدفة. ويجب أن يشمل حظر الأسلحة عمليات تزويد أو بيع أو نقل جميع الأسلحة والذخائر والمعدات الأمنية، بما في ذلك التدريب عليها. وكنا فيما مضى، ووفقاً لسياستنا، قد دعونا إلى فرض مثل هذه الأنواع من العقوبات على بلدان أخرى، ومنها سوريا ولبنان والسودان وميانمار ونيبال.

21. إسرائيل ليست دولة طرفاً في نظام روما الأساسي أو الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها. هل هذا يعني أنها ليست مقيَّدة بالتزاماتها؟

لا. فأولاً، إسرائيل صدَّقت على الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (سيرد) التي تحظر الفصل العنصري. وثانياً، إن حظر الفصل العنصري يشكل جزءاً من القانون الدولي العرفي، الذي يتضمن التزامات دولية منبثقة من الممارسات العامة للدول، ومقبولة كقانون. وقد أعلنت محكمة العدل الدولية أن الفصل العنصري يُعتبر انتهاكاً صارخاً لأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة”.

وترى منظمة العفو الدولية أن ثمة أدلة قوية على أن تعريف الفصل العنصري كجريمة ضد الإنسانية في نظام روما الأساسي إنما يعكس القانون الدولي العرفي.

22. ما هو دور المحكمة الجنائية الدولية في هذا الوضع؟

تتمتع المحكمة الجنائية الدولية بولاية قضائية على الجرائم التي ارتكبتها دولة فلسطين منذ يونيو/حزيران 2014. ففي مارس/آذار 2021، أعلن مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أنه قد فتح تحقيقاً في الأوضاع في فلسطين. ويشمل نطاق ولايته القضائية غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية.

ونظراً لأن جريمة الفصل العنصري، وهي جريمة ضد الإنسانية، تُرتكب على هذه الأراضي، فإننا ندعو مكتب المدعي العام إلى النظر في شمول هذه الجريمة في التحقيق الذي يجريه.