السودان

لا تتخذ منظمة العفو الدولية أي موقف من قضايا السيادة أو النزاعات الإقليمية. وتستند الحدود على هذه الخريطة إلى بيانات الأمم المتحدة الجغرافية المكانية.
العودة. السودان

السودان 2023

تسبَّب النزاع المسلح، بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها، في خسائر فادحة بين المدنيين جراء الهجمات المتعمَّدة والعشوائية. وارتكبت جميع أطراف النزاع انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان وانتهاكات للقانون الدولي الإنساني. وتعرضت النساء والفتيات للعنف الجنسي المرتبط بالنزاع. وظلَّت ظاهرة الإفلات من العقاب في صميم الانتهاكات المتعلقة بالنزاع. وأصبح ملايين السكان في عداد النازحين داخليًا، بينما فرَّ حوالي 1.4 ملايين شخص إلى بلدان مجاورة، حيث يعيشون في ظروف مزرية.

خلفية

في أبريل/نيسان، اندلع نزاع عسكري مكثَّف بين القوات المسلحة السودانية، بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في العاصمة الخرطوم. وسرعان ما امتدت الاشتباكات إلى مناطق أخرى، بما في ذلك دارفور وشمال كردفان. وجاء القتال بعد شهور من التوتر بين الطرفين على خلفية إصلاحات قوات الأمن اقتُرحت كجزء من المفاوضات لتشكيل حكومة انتقالية جديدة، ضمن مسائل أخرى.

واشتدت حدَّة القتال بالرغم من الإعلانات المتكررة عن وقف إطلاق النار. ووفقًا للأمم المتحدة، قُتل أكثر من 12,000 شخص، خلال الفترة من أبريل/نيسان إلى ديسمبر/كانون الأول، في شتى أنحاء البلاد. وفي أكتوبر/تشرين الأول، وردت أنباء تفيد بأن ما يقرب من 15 مليون نسمة، أي حوالي 31% من السكان، يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

واشترك مقاتلون، معظمهم من قوات الدعم السريع، في عمليات نهب واسعة النطاق للمنازل والمتاجر والمؤسسات العامة، بما في ذلك المستشفيات، ومستودعات المنظمات الإنسانية، والمصارف، في الخرطوم وفي منطقة دارفور.

وفي الوقت نفسه، ظلَّ النزاع الدائر منذ 20 عامًا في دارفور يتسبب في معاناة شديدة في المنطقة.

الهجمات العشوائية

وقع كثير من المدنيين في مرمى النيران، حيث شنَّ أفراد القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، الذين يستخدمون في كثير من الأحيان أسلحة متفجَّرة ذات تأثير واسع المدى، هجماتٍ متكرِّرة داخل أحياء مكتظَّة بالسكان المدنيين وانطلاقًا منها. ونتيجة لذلك، قُتل أشخاص داخل منازلهم، أو وهم يجهدون في البحث عن الغذاء وغيره من الضروريات، بينما قُتل وأُصيب آخرون أثناء فرارهم من العنف وفي الأماكن التي قصدوها بحثًا عن الأمان. وفي معظم الحالات، كان من الصعب تحديد الطرف الذي أطلق الذخائر وقتل وأصاب المدنيين.1

ففي 15 أبريل/نيسان، وهو اليوم الذي اندلعت فيه الاشتباكات، قُتلت الطبيبة آلاء فوزي المرضي، وأُصيبت والدتها، زينب أحمد عثمان، برصاصة طائشة داخل منزلهما في حي المنارة في أم درمان.

وفي 24 أبريل/نيسان، قُتلت المحامية سهير عبد الله البشير، وشقيقا زوجها، محمد وعمر الرايح، بذخيرة متفجرة. وسقطت تلك الذخيرة قرب مركبتهم وهم يرجون من منزلهم في وسط الخرطوم، بالقرب من وزارة الخارجية.

وفي 18 مايو/أيار، قُتلت خديجة مصطفى عثمان سيد، وابناها، حيدر حامد جمعة خاطر، وحميد حامد جمعة خاطر، وجارهم مصطفى علي حمدان، عندما سقطت قذيفة في منزلهم في حي الامتداد، بالقرب من وسط مدينة نيالا، في جنوب دارفور.

وفي 21 مايو/أيار، قُتل ما لا يقل عن سبعة أشخاص وأُصيب 12 شخصًا في غارة واحدة على وزارة الزراعة، الواقعة في الجزء الشمالي من حي الجمارك، بمدينة الجنينة في غرب دارفور، والذي كان كثير من السكان قد لجأوا إليه بعد مغادرتهم منازلهم.

وفي 14 يونيو/حزيران، قُتل وأُصيب عشرات المدنيين، من بينهم جمرة مصطفى، التي أُصيبت برصاصتين بينما كانت داخل منزلها في حي المدارس بمدينة الجنينة. وفي اليوم نفسه، في حي الرياض المجاور، قُتل عدنان إسحاق، البالغ من العمر سبع سنوات، داخل منزله، برصاصة طائشة أصابته بصدره.

الهجمات وعمليات القتل غير المشروعة

قُتل وأُصيب مدنيون في هجمات مُستهدفة في كثير من أجزاء البلاد، من بينها الخرطوم، ولكن بالأخص في غرب دارفور.

ففي 13 مايو/أيار، اقتحم أفراد من قوات الدعم السريع مجمع كنيسة مار جرجس القبطية في منطقة الخرطوم بحري، وأطلقوا النار فأصابوا خمسة من القساوسة، وسرقوا مبالغ من المال بالإضافة إلى صليب ذهبي.

وفي 19 مايو/أيار، قُتل بيتر كيانو، البالغ من العمر60 عامًا، وهو أستاذ للرياضيات والهندسة من جنوب السودان، وكان يعيش ويعمل في الخرطوم لسنوات عديدة، عندما أطلق جنود من قوات الدعم السريع النار عليه، خارج مطعم، وذلك في الضواحي الجنوبية للخرطوم.

وتزايدت التوترات في دارفور، وتعرَّضت بلدات ومدن وقرى في غرب دارفور، بما في ذلك الجنينة، ومستري، وتندلتي، لهجمات شنَّتها الميليشيات العربية المُسلحة تسليحًا ثقيلًا والمدعومة من مقاتلي قوات الدعم السريع. وقُتل وأُصيب عمدًا كثيرٌ من جماعة المساليت الإثنية، ومعظمهم من الرجال وكبار الفتيان، في هجمات ذات دوافع إثنية.

وفي 25 أبريل/نيسان، أُصيب إبراهيم آدم محمد وشقيقه محمد بجروح جراء إطلاق النار عليهم من جانب أفراد الميليشيات العربية، بينما كانا يجلسان خارج منزلهما في حي البحيرة بمدينة الجنينة.

وفي 14 مايو/أيار، قُتل آدم زكريا إسحاق، وهو طبيب ومدافع عن حقوق الإنسان كان يعمل مع شبكة دارفور لحقوق الإنسان، وقُتل معه 13 شخصًا آخرين في مركز الإنقاذ الطبي، وهو عيادة صحية في حي الجمارك في الجنينة.

وفي 17 مايو/أيار، أطلق مقاتلون من الميليشيات العربية النار عمدًا فقتلوا المزارعَيْن عبد الرحمن إبراهيم أحمد وعلي إسحاق علي بشير في مدينة تندلتي، الواقعة شمال غرب الجنينة، قرب الحدود التشادية. كما قُتل في الحادثة نفسها خمسة مدنيين آخرين، من بينهم مريم محمد أحمد وابن عمها حسن إبراهيم.

وفي 28 مايو/أيار، قُتل عشرات المدنيين في بلدة مستري، الواقعة جنوب غرب الجنينة، عندما اندلعت اشتباكات بين قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها، من جهة، وجماعات مسلحة من المساليت، من جهة أخرى. وقتل أفراد قوات الدعم السريع خمسة أشقاء داخل منزلهم.

وفي 14 يونيو/حزيران، قُتل في مدينة الجنينة والي غرب دارفور، خميس أبكر، الذي كان يتولى أيضًا قيادة الجماعة المسلحة المعروفة باسم التحالف السوداني. وكان قد اقتيد إلى الحجز على أيدي مقاتلين من قوات الدعم السريع في وقت سابق من ذلك اليوم.

العنف الجنسي والقائم على النوع الاجتماعي

تعرَّضت عشرات النساء والفتيات، وبعضهن لا تزيد أعمارهن عن 12 عامًا، للعنف الجنسي المرتبط بالنزاع، بما في ذلك الاغتصاب، على أيدي أفراد الأطراف المتحاربة، وبالأساس أفراد قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها. وكانت معظم الضحايا سودانيات، وكان بعضهن من مواطني بلدان أخرى. وقد تعرَّضن للاختطاف والعنف الجنسي داخل منازلهن أو أثناء خروجهن بحثًا عن الطعام أو غيره من الضروريات الأساسية. وفي إحدى الحالات، اختطف أفراد من قوات الدعم السريع 24 امرأة وفتاة واقتادوهن إلى فندق في نيالا، حيث احتُجزن في ظروف ترقى إلى الاستعباد الجنسي لعدة أيام تعرَّضن خلالها للاغتصاب على أيدي عدة أفراد من قوات الدعم السريع.

وفي حالة أخرى، في 22 يونيو/حزيران، اعتدى ثلاثة رجال عرب مسلحين يرتدون ملابس مدنية على امرأة تبلغ من العمر 25 عامًا، وأجبروها على دخول مبنى مكتب السجل المدني في حي الجمارك، في مدينة الجنينة، حيث تناوبوا على اغتصابها.

ولم تكن لدى الكثير من الضحايا سُبل للحصول على ما يلزم من الرعاية الطبية والدعم النفسي والاجتماعي، بسبب القدر المحدود المتاح لهن من خدمات الحماية وإعادة التأهيل وسُبل كسب الرزق. فقد دُمرت ونُهبت الكثير من المنشآت الصحية أثناء النزاع، كما فرَّ العاملون في المجال الطبي. وكانت الرعاية اللازمة في أعقاب الاغتصاب، والتي ينبغي أن يُراعى فيها عامل الوقت، إما محدودة أو غير متوفرة؛ وكانت الضحايا إما غير قادرات على الإبلاغ عن الاعتداءات وطلب الرعاية الطبية أو يشعرن بالخوف الشديد من ذلك. بالإضافة إلى ذلك، كانت شبكات الاتصالات ضعيفة أو مقطوعة كليًا في بعض المناطق، كما خضع التنقل لقيود شديدة بسبب النزاع.

الحق في معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة والحصول على التعويض

في يوليو/تموز، أعلن المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية أن مكتب الادعاء بدأ في إجراء تحقيقات بشأن الهجمات الأخيرة في دارفور. ولم يُسلم بعد ثلاثة أشخاص للمحكمة الجنائية الدولية للمثول للمحاكمة، ومن بينهم الرئيس السابق عمر البشير، الذين يواجهون تهم من قبل المحكمة.

وفي 11 أكتوبر/تشرين الأول، اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قرارًا يقضي بإنشاء بعثة دولية مستقلة لتقصِّي الحقائق في السودان. وكُلِّفت هذه الآلية بالتحقيق وتحديد الحقائق والملابسات والأسباب الجذرية المتعلقة بجميع ما زُعم وقوعه من انتهاكات حقوق الإنسان وانتهاكات القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك الانتهاكات التي ارتُكبت ضد اللاجئين، والجرائم المتصلة في سياق النزاع المسلح الجاري.

حقوق النازحين داخليًا

كان الوضع مدمِّرًا للمدنيين، واستمر الوضع في التدهور. فقد نزح داخليًا ما يزيد عن 5.8 مليون نسمة منذ أبريل/نيسان، مما جعل السودان موضعًا لأكبر أزمات النزوح في العالم. وقد نزح ما يزيد عن 4.5 مليون من هؤلاء خلال الفترة من 15 أبريل/نيسان إلى 19 أكتوبر/تشرين الأول فقط، وفقًا لما ذكرته الأمم المتحدة. وكان من بين منْ نزحوا لاجئون من بلدان أخرى، وخاصة إثيوبيا وإريتريا وجنوب السودان، كانوا قد لجأوا إلى السودان. وتفاقمت الأزمة الإنسانية التي يواجهها النازحون داخليًا من جراء النقص الشديد في الغذاء والماء والدواء والوقود. وارتفعت أسعار السلع الأساسية بشكل هائل بسبب اضطراب طرق التجارة، ومحدودية سُبل الحصول عليها، مما جعلها تفوق مقدرة السكان.

حقوق اللاجئين والمهاجرين

منذ 15 أبريل/نيسان، فرَّ حوالي 1.4 مليون شخص إلى بلدان مجاورة، هي إثيوبيا، وتشاد، وجمهورية أفريقيا الوسطى، وجنوب السودان، ومصر، حيث عاشوا في ظروف مزرية. وتفاقم الوضع بالنسبة لبعض طالبي اللجوء، عندما مُنعوا من دخول بعض البلدان، مما عرَّضهم لخطر العودة إلى المخاطر نفسها التي حاولوا الهرب منها. واشترطت السلطات المصرية جميع السودانيين بالحصول على تأشيرة دخول صادرة من مكاتب القنصلية المصرية في مدينتي وادي حلفا وبورتسودان السودانيتين.2 وفي 29 مايو/أيار، أضافت السلطات المصرية أيضًا شرطًا إضافيًا يتمثل في ضرورة الحصول على تصريح أمني للفتيان والرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و50 عامًا حتى يُسمح لهم بدخول مصر (انظر باب مصر).


  1. السودان: “جاء الموت إلى بيتنا”: جرائم الحرب ومعاناة المدنيين في السودان، 3 أغسطس/آب
  2. “السودان: يجب على الدول المجاورة توفير ممرات آمنة للفارين من النزاع”، 5 يوليو/تموز