أفريقيا

العودة. أفريقيا

أفريقيا 2023

أظهرت أعمال العنف التي تجددت في السودان بجلاء المعاناة الهائلة للمدنيين الذين وقعوا في براثن الصراعات المسلحة في شتى أنحاء المنطقة، والاستخفاف المطلق من جانب أطراف هذه الصراعات بالقانون الدولي الإنساني. وتواترت بكثرة الأنباء المروعة عن الخسائر الهائلة في صفوف المدنيين، خصوصًا بالنظر إلى نطاق الهجمات المستهدفة والعشوائية. وظل العنف الجنسي سمة من سمات الصراع المسلح.

وظل انتقاد الحكومات أمرًا محفوفًا بالأخطار في الكثير من البلدان الأفريقية. وشاعت على نطاق واسع أعمال القمع الوحشية ضد المحتجين على تجاوزات الحكومات، أو إخفاقاتها، أو مزاعم الفساد، واستهدفت بوجه خاص الصحفيين، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والنشطاء، والمعارضين وزعماء المعارضة. فقد شهد أسبوع واحد في يناير/كانون الثاني مقتل المدافع البارز عن حقوق الإنسان ثولاني ماسيكو في إسواتيني، والصحفي مارتينز زوغو في الكاميرون، ووفاة الصحفي الاستقصائي الرواندي جون ويليامز إنتوالي في ظروف مريبة، فكانت تلك فترة مظلمة بالنسبة لحركة حقوق الإنسان.

وأدت عدة عوامل مجتمعة، من بينها التضخم والفساد وتغير المناخ والصراع، إلى نشوء ظروف معيشية لا تحتمل. وبات الملايين من البشر لا يجدون سبيلًا للتمتع بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية الأساسية. وتضررت بلدان كثيرة بدرجة مفرطة مقارنة بغيرها من ارتفاع مستوى تضخم أسعار الغذاء، وبلغ انعدام الأمن الغذائي مستويات مذهلة.

وأدت الصراعات المسلحة المتواصلة والظواهر الجوية المتطرفة إلى نزوح الملايين من البشر عن ديارهم، ولكن السلطات في العديد من البلدان ضربت عرض الحائط بالتزاماتها بتوفير الحماية للاجئين وطالبي اللجوء.

وظل كل من التمييز القائم على النوع الاجتماعي والعنف ضد النساء والفتيات ضاربًا بجذوره في المنطقة، في حين تصاعدت الاعتداءات النابعة من رهاب المثلية وأعمال القمع ضد حقوق أفراد مجتمع الميم في مختلف أنحاء المنطقة.

وظلت الحكومات الأفريقية في الأعم الأغلب لا تعير اهتمامًا للنداءات التي تطالبها بالتصدي لظاهرة الإفلات من العقاب، مما أوجد لها مرتعًا خصبًا لأن تستفحل وتؤجج الانتهاكات والاعتداءات، وازدراء سيادة القانون. وعملت حكومات كثيرة على تقويض مبادرات العدالة والمساءلة، أو سعت علنًا لإحباط مساعي التمحيص الدولي لسجلاتها في مجال حقوق الإنسان.

الهجمات وعمليات القتل غير المشروعة

استمرت معاناة المدنيين من العواقب الوخيمة للصراعات المسلحة في بوركينا فاسو وجمهورية أفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية ومالي ونيجيريا والصومال والسودان، وغيرها من بلدان المنطقة. وفي الحالات التي لم يُستَهدف فيها المدنيون عمدًا، بما في ذلك الهجمات التي تحركها دوافع عرقية، تحملوا وطأة الهجمات العشوائية التي شملت أحيانًا الغارات الجوية، والقصف بالصواريخ، وقنابل الهاون، وغيرها من الأسلحة المتفجرة ذات الآثار واسعة النطاق؛ وشكّلت بعض هذه الهجمات جرائم حرب.

ففي السودان، قُتل أكثر من 12,000 شخص عندما اندلع القتال بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. وسقط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين من جراء الهجمات المستهدفة في كثير من أنحاء البلاد، بما فيها العاصمة الخرطوم، ولكن في غرب دارفور بوجه خاص، وكذلك من جراء الذخائر المتفجرة التي أطلقتها القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع من أحياء كثيفة السكان.

وفي بوركينا فاسو، قتل عناصر جماعة أنصار الإسلام المسلحة ما لا يقل عن 60 مدنيًا من أهالي بلدة بارتياغا في فبراير/شباط؛ وبعد ذلك بستة أشهر، قتلت الجماعة 22 شخصًا في بلدة نوهاو. واستهدفت القوات الحكومية المدنيين. وفي إحدى الحالات، قتل الجنود، ومن معهم من عناصر جماعة متطوعي الدفاع عن الوطن، ما لا يقل عن 147 مدنيًا في قرية كارما. وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية، قتلت الجماعات المسلحة 4,000 شخص على الأقل، وأصابوا آلافًا آخرين بجروح. وفي محافظة نورد كيفو، قتل المقاتلون من الجماعة المسلحة المعروفة باسم تحالف القوى الديمقراطية نحو 23 شخصًا باستخدام المناجل. وفي محافظة إيتوري، قتل مقاتلون من الجماعة المسلحة المعروفة باسم التعاونية من أجل تنمية الكونغو ما لا يقل عن 46 شخصًا، نصفهم من الأطفال، إما بإطلاق النار عليهم أو بتقطيعهم إربًا. وفي مالي، أدت الهجمات التي شنها تنظيم الدولة الإسلامية في منطقة الساحل على قريتي غانيا وبوينا، في منطقة غاو، إلى مقتل 17 شخصًا. وبعد ذلك بشهرين، شن عناصر جماعة نصرة الإسلام والمسلمين هجومًا على قريتي بوديو ويارو، في منطقة باندياغرا، أسفر عن مقتل 37 مدنيًا.

وأدت غارة جوية شنتها القوات الجوية النيجيرية إلى مقتل 21 مدنيًا في النيجر، في الوقت الذي اندلع فيه صراع جديد بين قوات الأمن في صوماليلاند والمقاتلين المسلحين مما أسفر عن مقتل 36 مدنيًا، في الصومال، ولقي معظمهم حتفهم بسبب القصف العشوائي الذي شنته قوات أمن صوماليلاند على بلدة لاس أنود.

يجب على أطراف الصراعات المسلحة حماية المدنيين من خلال وضع حد للهجمات المستهدفة والعشوائية للمدنيين والبنية التحتية المدنية.

العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي فيما يتعلق بالصراع

استمر على نطاق واسع العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي فيما يتعلق بالصراع، بما في ذلك الاغتصاب والاغتصاب الجماعي والاختطاف والاستعباد الجنسي، ولم يجد الكثير من الضحايا سبيلًا للحصول على ما يحتاجونه من الدعم الطبي والنفسي الاجتماعي. واحتجز جنود قوات الدفاع الإريترية ما لا يقل عن 15 امرأة أسيرة قرابة ثلاثة أشهر في معسكر حربي بمنطقة تيغراي الإثيوبية، حيث اغتصبوهن مرارًا. وفي بوركينا فاسو، قام مهاجمون زُعم أنهم من عناصر جماعة أنصار الإسلام باختطاف 66 من النساء والفتيات والأطفال الرضع بالقرب من قرية ليكي في منطقة الساحل. وأخلي سبيلهم بعد أربعة أيام عند نقطة تفتيش في توغوري. واختطف مقاتلو بوكو حرام أكثر من 40 امرأة في منطقة مافا للحكم المحلي بولاية بورنو في نيجيريا.

وفي جمهورية أفريقيا الوسطى، أعلنت الأمم المتحدة أنها جمعت أدلة عن الاغتصاب، تثبت ضلوع 11 من أفراد قوات حفظ السلام التنزانية. وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية، وردت بلاغات عما يزيد عن 38,000 من حالات العنف الجنسي في محافظة نورد كيفو وحدها خلال الربع الأول من عام 2023. وفي مالي، سجلت الأمم المتحدة خلال الفترة نفسها 51 حادثة من حوادث العنف الجنسي المتعلق بالصراع ضد النساء والفتيات. وفي السودان، تعرضت العشرات من النساء والفتيات للعنف الجنسي، بما في ذلك الاغتصاب، الذي ارتكبه جنود الطرفين المتحاربين، وفي الغالب قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معهم. وفي إحدى الحالات، اختطف عناصر قوات الدعم السريع 24 امرأة وفتاة، واحتجزوهن في أحد فنادق نيالا عدة أيام في ظروف تُعدُّ من قبيل الاستعباد الجنسي.

يجب على أطراف الصراع المسلح إصدار أوامر واضحة لعناصرها أو قواتها، تحظر عليها ارتكاب أعمال العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي؛ ويجب على الحكومات أن تضمن لضحايا مثل هذا العنف كافة السبل للحصول على الرعاية الصحية الطبية والنفسية الاجتماعية.

قمع المعارضة

حرية التجمع السلمي

شهدت شتى بلدان المنطقة مظاهرات حاشدة تدفقت فيها جموع المتظاهرين إلى الشوارع للإعراب عن قلقهم بشأن مجموعة واسعة من القضايا، من بينها ارتفاع تكلفة المعيشة، وسوء الحوكمة، وانتهاكات حقوق الإنسان. وفي كثير من الحالات، قامت قوات الأمن بفض المظاهرات باستخدام القوة المفرطة، فسقط العشرات من المتظاهرين والمارة بين قتيل وجريح، كما حدث في إثيوبيا، وأنغولا، والسنغال، والصومال، وكينيا، ومالي، وموزمبيق. وقتلت الشرطة الكينية ما لا يقل عن 57 شخصًا أثناء المظاهرات التي شهدتها البلاد بين مارس/آذار ويوليو/تموز. وفي السنغال، قُتل ما لا يقل عن 29 شخصًا في يونيو/حزيران عندما أطلق أفراد الشرطة ورجال مسلحون يرتدون ثيابًا مدنية الذخيرة الحية لتفريق مظاهرات عنيفة في العاصمة، داكار، وفي زيغنشور.

وفي حالات أخرى، حظرت المظاهرات مقدمًا، كما حدث مثلًا في تشاد، والسنغال، وسيراليون، وغينيا. واستهدف هذا الحظر في المقام الأول التجمعات والمظاهرات التي دعت إليها منظمات المجتمع المدني أو مظاهرات المعارضة أو زعماؤها. ففي تشاد، كانت مظاهرتان نظمتهما أحزاب المعارضة ضمن المظاهرات التي حظرتها وزارة الأمن العام بدعوى أن تلك الأحزاب ليس لها وجود قانوني، وأنها لم تستوفِ الشروط اللازمة للترخيص لها بالتظاهر. وفي غينيا، استمر سريان الحظر الشامل الذي فرضته السلطات على جميع التجمعات السياسية منذ مايو/أيار 2022، رغم أنها سمحت بتنظيم العديد من التجمعات الحاشدة المؤيدة لرئيس الدولة.

حرية التعبير

استمرت الأخطار التي تهدد الحق في حرية التعبير. واعتُبر الانتقاد العلني لسياسات الحكومة أو أفعالها أو تقاعسها، أو التبادل العلني لأي معلومات تُعدُّ ضارة بالحكومة أمرًا محفوفًا بخطر تعرض صاحبه للاعتقال أو الاحتجاز التعسفي أو الهلاك. فقد اغتيل ثولاني ماسيكو، وهو أحد المدافعين عن حقوق الإنسان في منزله في إسواتيني. وعُثر على جثة الصحفي مارتينز زوغو مشوهةً بعد خمسة أيام من اختطافه في ضواحي العاصمة الكاميرونية ياوندي؛ وكان قبل اختطافه يكتب تقارير صحفية عن الفساد المنسوب لشخصيات مقربة من الحكومة. وفي رواندا، توفي جون ويليامز نتوالي في ظروف مريبة، وهو صحفي استقصائي يتناول قضايا تتعلق بحقوق الإنسان، وكان قبل وفاته بيوم قد قال لصحفي آخر إنه يخشى أن يصيبه مكروه.

وفي جنوب السودان، احتجزت السلطات سبعة صحفيين بصورة تعسفية في مركز اعتقال تابع لجهاز الأمن الوطني في العاصمة جوبا، بسبب تسجيل مصور تداولته وسائل التواصل الاجتماعي، زُعم أنه يُظهر الرئيس وهو يتبوّل على نفسه. وتفاوتت فترات احتُجزاهم بلغ أقصاها عشرة أسابيع، ثم أخلي سبيلهم دون توجيه أي تهم إليهم؛ ويبدو أن أحدهم قد تعرَّض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة.

وفي الصومال، أصدرت إحدى المحاكم حكمًا بالحبس لمدة شهرين على عبد الله أحمد مؤمن، وهو صحفي يشغل منصب الأمين العام لنقابة الصحفيين الصوماليين، بتهمة “إغفال أوامر الحكومة”. وكان من قبل قد أمضى أكثر من شهرين في الحبس على ذمة القضية، ثم أفرج عنه، ولكن السلطات لم تلبث أن اعتقلته مجددًا بعد ذلك بأسبوع، وأودعته رهن الاحتجاز شهرًا آخر. وفي تنزانيا، اعتُقل ما لا يقل عن 12 شخصًا خلال الفترة بين يونيو/حزيران وديسمبر/كانون الأول بسبب انتقادهم لاتفاقية ميناء دار السلام المبرمة بين تنزانيا والإمارات، ثم أفرج عنهم بلا قيد أو شرط بعد عدة أيام.

وشاعت في بلدان المنطقة المضايقات القضائية ضد المنتقدين. ففي بوروندي، حُكم بالسجن لمدة عشر سنوات على الصحفية فلوريان إيرانغابي بتهمة “تقويض وحدة التراب الوطني”. ثم أيدت محكمة الاستئناف قرار إدانتها الذي كان يستند إلى تعليقات أدلت بها في برنامج إذاعي. وفي بنين، صدر حكم بالحبس لمدة 12 شهرًا مع وقف التنفيذ على فيرجيل أهوانسي، وهو مدير إخباري في محطة إذاعية على الإنترنت، بتهمة “بث معلومات كاذبة”. وكان في عام 2022 قد بث تحقيقًا صحفيًا يتضمن أقوال شهود يتهمون الشرطة بارتكاب عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء. وفي النيجر، أدينت سميرة إبراهيم بتهمة “توليد… بيانات… بهدف تعكير صفو النظام العام”، وذلك بعد أن زعمت على حسابها على الفيسبوك أن الجزائر لا تعترف بالنظام العسكري في النيجر.

اضطر العديد من الصحفيين والنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان في بلدان المنطقة إلى الفرار إلى المنفى، ومن بين هذه البلدان تشاد وتنزانيا وتوغو وجمهورية أفريقيا الوسطى ومالي. ففي توغو، صدر حكم بالسجن ثلاث سنوات وغرامة باهظة على الصحفيين فرديناند أيتي وإزيدوري كوونو اللذين يعملان في صحيفة لالترناتيف (L’Alternative) بعد أن نشرا مقالًا يتهمان فيه اثنين من أعضاء الحكومة بالفساد. ولم يجد الاثنان مناصًا من الفرار إلى خارج البلاد تجنبًا لتنفيذ العقوبة المفروضة عليهما. وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية، فر من البلاد صحفي كتب مقالات عن الفساد المزعوم في المجلس الوطني، بعد أن تلقى تهديدات من مصدر مجهول. وفي مالي، أجبرت المدافعة عن حقوق الإنسان أميناتا ديكو على الفرار إلى المنفى بعد إعرابها عن إدانتها للانتهاكات المنسوبة للقوات المسلحة في تقرير موجز مقدم لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة؛ وفي أعقاب ذلك، استدعاها جهاز الدرك لاستجوابها بشأن ادعاءات بالخيانة العظمى والتشهير.

وفي بنين وبوركينا فاسو وتشاد وتوغو والنيجر، وغيرها من البلدان، أوقفت السلطات وسائل الإعلام، أو دور نشر الصحف، أو المواقع الإخبارية على الإنترنت لفترات مختلفة. وفي مواجهة الاضطرابات الاجتماعية أو السياسية، قامت السلطات في إثيوبيا والسنغال وغينيا وموريتانيا بتعليق أو تعطيل الوصول إلى الإنترنت. وفرضت هيئة البث الوطني في نيجيريا غرامات عقابية على 25 محطة لأسباب تتعلق بتغطيتها للانتخابات العامة عام 2023، وبزعم مخالفتها لمدونة قواعد البث. وذهبت سلطات أخرى لأبعد من هذا، بما في ذلك في بنين حيث تم تعليق المجموعة الصحفية غازيت دو غولف (Gazette du Golfe) لأجل غير مسمىً. وفي بوركينا فاسو، طردت السلطات مراسلين أجنبيين من البلاد، وفي النيجر أغلقت صحيفة ليفينمان (L’Évènement) بزعم تخلفها عن سداد الضرائب.

حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها

شهد العام المنصرم تصاعدًا في القيود الشديدة وغير المبررة المفروضة على حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها؛ واستهدفت أحزاب المعارضة، وفرضت قيود خانقة تكبِّل قدرتها على تنظيم أنشطتها وممارستها بحرية. ففي بوروندي، علقت السلطات أنشطة حزب المعارضة الرئيسي، “المؤتمر الوطني للحرية”، كلها تقريبًا؛ وفي أعقاب الانقلاب الذي شهدتها النيجر في يوليو/تموز، علق الجيش جميع أنشطة الأحزاب السياسية لأجل غير مسمىً. وفي أوغندا، عُلِّقت التجمعات الانتخابية وغيرها من أنشطة حزب “منبر الوحدة الوطنية”. وفي تطور إيجابي، أصدر رئيس تنزانيا قرارًا بإلغاء حظر مفروض عام 2016 يمنع الأحزاب السياسية من تنظيم التجمعات وممارسة غير ذلك من الأنشطة السياسية.

واستمرت السلطات في اتخاذ القوانين سلاحًا لتقييد حقوق الإنسان، بما فيها الحق في حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها. ففي أنغولا، أقر البرلمان مشروع قانون للمنظمات غير الحكومية من شأنه، وفقًا لمنظمات غير حكومية، أن يقيد الحق في حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، ويمنح السلطة التنفيذية سلطات مفرطة للتدخل في أنشطة تلك المنظمات.

عمليات الاعتقال والاحتجاز التعسفية والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة

ظل عمليات الاعتقال والاحتجاز التعسفية للأفراد واسعة الشيوع في المنطقة. وفي كثير من الحالات، لجأت قوات الأمن للاعتقال والاحتجاز الجماعي أثناء فض المظاهرات أو أثناء تنفيذ حالات الطوارئ. ففي أغسطس/آب، فرضت الحكومة الإثيوبية حالة الطوارئ في طول البلاد وعرضها لمدة ستة أشهر، في أعقاب اشتباكات مسلحة بين الجيش وميليشيا فانو في منطقة أمهرة، مما أوجد ذريعة لاحتجاز المئات من الأشخاص وحرمانهم من الاتصال بمحامين أو اللجوء إلى القضاء. أما في السنغال، فقد اعتقلت السلطات أكثر من 1,000 شخص واحتجزتهم، وكان السبب في الغالب هو المشاركة في المظاهرات، أو بزعم صلتهم بحزب “الوطنيين الأفارقة في السنغال من أجل العمل والأخلاق والأخوة” (باستيف)، وهو حزب معارض في السنغال.

وفي بلدان أخرى، مثل بوتسوانا وبوروندي وزمبابوي والنيجر، اعتُقلت شخصيات سياسية بارزة أو احتجزت بصورة تعسفية. ففي بوتسوانا، اعتُقل العديد من زعماء حزب جبهة بوتسوانا الوطنية المعارض، وصحفيَّيْن، واحتجزوا لمدة يومين بدون توجيه أي تهم إليهم. وفي أعقاب الانقلاب في النيجر، احتُجز الرئيس بازوم وأسرته في المجمع الرئاسي؛ كما احتُجز العديد من المسؤولين في الحكومة السابقة والحزب الحاكم بدون توجيه أي تهم إليهم. وفي زمبابوي، أصدرت محكمة الاستئناف حكمًا ببراءة جاكوب نغاريفومي، زعيم حزب التغيير في زمبابوي، بعد مضي ثمانية أشهر على صدور حكم بحبسه لمدة 48 شهرًا (من بينها 12 شهرًا مع إيقاف التنفيذ). وكانت السلطات قد اعتقلته في يوليو/تموز 2020 بتهمة قيادة وتنظيم مظاهرات مناهضة للفساد.

كما وردت أنباء عن عمليات اعتقال واحتجاز تعسفية في جمهورية الكونغو الديمقراطية وغينيا الاستوائية ومالي، وغيرها من البلدان.

ظل التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة في الحجز مبعثًا للقلق البالغ. ووردت أنباء عن وقوع حالات وفاة مريبة في حجز الشرطة في عدة بلدان، من بينها غينيا الاستوائية وليسوتو، وموريتانيا، ونيجيريا. ففي موريتانيا، توفي المدافع عن حقوق الإنسان الصوفي ولد جبريل ولد الشين في أعقاب استجوابه في أحد مراكز الشرطة؛ وأجري تشريح رسمي لجثته لمعرفة أسباب الوفاة، خلص إلى أن وفاته نجمت عن الخنق، مما يناقض ما زعمته السلطات من أنه توفي بسبب أزمة قلبية. وأصدر المدعي العام أمرًا باعتقال مفوض الشرطة وضباط الشرطة الذين لهم صلة بحادثة الوفاة. وفي نيجيريا، توفي فائز عبد الله أثناء استجوابه في حجز الشرطة. وتوفي طالب في السابعة عشرة من عمره في المستشفى في أعقاب ما تعرض له من التعذيب أثناء استجواب الشرطة له في ولاية أداماوا.

عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري

في العديد من بلدان المنطقة، استمر استخدام الإعدام خارج نطاق القضاء وغيره من أعمال القتل غير المشروع والاختفاء القسري كأدوات للقمع. ففي بوركينا فاسو، اختُطفت شخصيات عامة أو اعتُقلت وأخفيت قسرًا، ومن بينها الرئيس الوطني لمنظمة تدافع عن مصالح الرعاة. وفي بوروندي، استمر تواتر الأنباء والبلاغات عن حالات الاختفاء القسري، وكان معظم الضحايا من المعارضين السياسيين؛ أما الجناة فقد زُعم أن أغلبهم من عناصر دائرة الاستخبارات الوطنية وأعضاء جناح الشبيبة في الحزب الحاكم، المسمى إمبونيراكور (Imbonerakure). وفي إريتريا، ظلَّ في طي المجهول مصير ومكان 11 من أعضاء مجموعة الـ 15 (G-15)، وهي مجموعة مؤلفة من 15 من كبار السياسيين الذين جاهروا بالحديث ضد الرئيس في عام 2001، كما ظلَّ في طي المجهول مصير ومكان 16 صحفيًا اتُهموا بأنهم على صلة بمجموعة الـ 15.

يجب على الحكومات وضع حد للمضايقات والتخويف الذي يمارس ضد الصحفيين، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والنشطاء، وأعضاء المعارضة وزعمائها؛ والإفراج فورًا وبلا قيد أو شرط عن أي شخص محتجز بصورة تعسفية؛ وضمان احترام حرية الإعلام، بما في ذلك السماح لوسائل الإعلام بمزاولة نشاطها على نحو مستقل.

الحقوق الاقتصادية والاجتماعية

الحق في الغذاء

كانت عدة بلدان أفريقية ضمن أشد بلدان العالم تضررًا من التضخم المستفحل في أسعار الغذاء. ووصل عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي إلى مستويات مروّعة. وتشير تقديرات برنامج الغذاء العالمي إلى أنه بحلول فبراير/شباط كان 78% من سكان سيراليون يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وكانت نسبة 20% من الأسر تعاني من انعدام الأمن الغذائي الشديد. وفي ديسمبر/كانون الأول، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن 5.83 مليون شخص (46% من سكان جنوب السودان) يعانون من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي. وفي ناميبيا، تصاعد مستوى انعدام الأمن الغذائي بصورة حادة، وبلغت نسبة من يعانون منه 22% من مجموع السكان.

وأدى تغير المناخ والظواهر الجوية المتطرفة إلى تفاقم أزمة الغذاء؛ ففي مدغشقر، تصاعد مستوى انعدام الأمن الغذائي في أعقاب إعصارين ضربا البلاد في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط، مما أدى إلى تدمير المحاصيل النقدية وحال دون إيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة. وفي الصومال، رزح ما يقدر بنحو 5 ملايين شخص تحت وطأة أزمة الغذاء؛ ودمر الجفاف قطاع الزارعة الذي ينتج نحو 90% من صادرات البلاد.

وزادت الصراعات المسلحة من وطأة الأوضاع. ففي بوركينا فاسو، ضربت الجماعات المسلحة حصارًا على 46 بلدة ومدينة على الأقل، مما منع عنها الإمدادات الأساسية، وحال دون وصول الأهالي إلى مزارعهم، وأسفر عن تخريب البنية التحتية للمياه. وعلقت وكالات المعونة الدولية مساعداتها الغذائية إلى منطقة تيغراي في إثيوبيا لمدة ستة أشهر، بعد ظهور أدلة على تحويل الإمدادات عن مقصدها، وعزيت المسؤولية عن ذلك إلى وكالات حكومية والجيش. وتضرر من ذلك أكثر من 4 ملايين شخص يعانون أصلًا من انعدام الأمن الغذائي، وورد أن مئات آخرين قد هلكوا من جراء ذلك.

واتخذت الحكومات تدابير لمكافحة التضخم، وضمان استقرار موارد الإمدادات الغذائية إلى الأسواق المحلية. وكان من بين هذه التدابير اعتماد سيراليون لبرنامج يهدف إلى زيادة الإنتاجية الزراعية والاكتفاء الذاتي الغذائي، وتعليق ساحل العاج لصادرات الأرز والسكر. ومن جهة أخرى، كانت الاستجابة الدولية غير كافية؛ فبحلول سبتمبر/أيلول، بلغت الأموال الدولية المخصصة للأمن الغذائي في تشاد 96.9 مليون دولار أمريكي، وهو مبلغ يقصر عن المطلوب لتلبية الاحتياجات بمقدار 128.1 مليون دولار أمريكي. وفي جنوب السودان، أدى النقص في تمويل المشروع الإنساني للأمم المتحدة إلى إعطاء الأولوية للمساعدات الغذائية الطارئة لمن يعانون أعلى مستويات انعدام الأمن الغذائي.

الحق في التعليم

حُرم الناس من حقهم في التعليم أو واجهوا عقبات شديدة تحول دون تمتعهم به في البلدان التي ابتليت بالصراعات، وخصوصًا بوركينا فاسو وجمهورية الكونغو الديمقراطية والكاميرون والنيجر. ففي بوركينا فاسو، كانت 6,549 مدرسة على الأقل مغلقة بحلول أكتوبر/تشرين الأول، وأعيد فتح نحو 539 منها فقط خلال العام، وبلغ عدد الأطفال المتضررين من ذلك أكثر من مليون. وفي الكاميرون، أفادت الأنباء بوقوع ما لا يقل عن 13 حادثة من حوادث العنف ضد المؤسسات التعليمية في منطقتي شمال غرب البلاد وجنوب غربها، خلال الفترة بين يناير/كانون الثاني ويوليو/تموز، بما في ذلك اختطاف الأطفال والمدرسين، وأُغلق ما لا يقل عن 2,245 مدرسة. وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية، تعطل تعليم نحو 750,000 طفل في اثنتين من أشد المحافظات تضررًا من الصراع في شرق البلاد. ووقعت هجمات على الآلاف من المدارس، مما اضطر القائمين عليها لإغلاقها بسبب انعدام الأمن، أو استخدامها كملاجئ لإيواء النازحين.

ومن التطورات الإيجابية انطلاق برنامج التعليم المجاني في زامبيا لتلاميذ المرحلة الابتدائية في يناير/كانون الثاني، وفي إطاره تم توظيف 4,500 مدرس إضافي. وشهدت تنزانيا زيادة إجمالية في معدلات تسجيل التلاميذ ومعدلات الإلمام بالقراءة والكتابة، وانخفاضًا في العوائق التي تحول دون التحاق الأطفال بالمدارس. ولكن على الرغم من رفع الحظر على التحاق الفتيات الحوامل والأمهات المراهقات بالمدارس العادية عام 2022، ظلت معدلات استمرار التلاميذ في الدراسة منخفضة.

الحق في الصحة

ظل من الصعب الوصول إلى الرعاية الصحية في عدة بلدان. ففي فبراير/شباط، كشفت هيئة الخدمات الصحية في غانا أن 27 امرأة حاملًا في بلدية باوكو توفين بين عامي 2021 و2022 بسبب عجزهن عن الوصول إلى الخدمات الطبية. وفي جنوب أفريقيا، نُظِّم إضراب في مارس/آذار يتعلق بمنازعات حول الأجور، مما أعاق سبل الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية، وأسفر عن وفاة أربعة أشخاص، وفقًا لما ذكره وزير الصحة. ومن جهة أخرى، أفادت الأنباء بتفشي داء الشيغيلات والكوليرا والتيفود، وغيرها من الأوبئة في جنوب السودان والكونغو وبلدان أخرى.

الإخلاء القسري

استمرت الحكومات في تنفيذ عمليات الإخلاء القسري باسم مشاريع التطوير. ففي بنين، إن الآلاف من الأشخاص الذين تم إخلاؤهم قسرًا في إطار مشاريع سياحية بمحاذاة الساحل، بين مدينتي كوتونو وويدا – شكوا من عدم تلقي تعويضات كافية. وفي محافظة لوالابا بجمهورية الكونغو الديمقراطية، تصاعدت عمليات الإخلاء القسري للآلاف من الأشخاص من منازلهم ومزارعهم بسبب التوسع في مناجم الكوبالت والنحاس على نطاق صناعي، لتلبية الطلب العالمي المتنامي على معادن التحول في مجال الطاقة.

وفي مقاطعة هويما في أوغندا، لجأت قوات الأمن إلى أساليب العنف لإخلاء زهاء 500 عائلة من أراضيها قسرًا للسماح ببناء خط أنابيب النفط الخام في شرق أفريقيا. وفي تنزانيا، اعتقل ما لا يقل عن 67 من شعب الماساي الأصلي، معظمهم في قرية إندولن، لرفضهم الرحيل عن أرض الأجداد في إطار خطط إعادة التوطين القسرية المستمرة لإنشاء منطقة محمية للحياة البرية في منطقة نغورونغورو المحمية.

يجب على الحكومات اتخاذ إجراءات فورية للتصدي للصعوبات الاجتماعية والاقتصادية، وإتاحة الموارد اللازمة، للوفاء بالحد الأدنى من التزاماتها الرئيسية، مما يضمن تمتع شعوبها بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

حقوق النازحين داخليًا، واللاجئين، والمهاجرين

قُدِّر عدد النازحين داخل جمهورية الكونغو الديمقراطية بنحو 7 ملايين شخص، وهو أكبر عدد من النازحين في أفريقيا. واستضافت البلاد 500,000 لاجئ ممن فروا من الصراع المسلح والاضطهاد في دول أفريقية أخرى. وخلال الفترة بين يناير/كانون الثاني وأغسطس/آب، فرَّ زهاء 45,000 شخص من جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى بلدان مجاورة، من بينها أوغندا التي استضافت أكثر من 1.6 مليون لاجئ، وهو أكبر عدد من اللاجئين في أفريقيا.

نزح داخليًا ما يزيد عن 5.8 مليون نسمة منذ أبريل/نيسان في السوان، مما جعل هذا البلد موضعًا لأكبر أزمات النزوح في العالم في 2023؛ وقد نزح أكثر من 4.5 ملايين منهم خلال الفترة بين أبريل/نيسان – وهو الشهر الذي بدأ فيه الصراع – وأكتوبر/تشرين الأول، في حين فرَّ حوالي 1.4 ملايين مواطنين سودانيين ومواطنين من جنسيات أخرى إلى بلدان مجاورة. ولكن بعض البلدان رفضت السماح لطالبي اللجوء السودانيين بالدخول؛ إذ اشترطت السلطات المصرية جميع السودانيين بالحصول على تأشيرة دخول صادرة من مكاتب القنصلية المصرية في السودان، وأضافت شرطًا يتمثل في ضرورة الحصول على تصريح أمني للفتيان والرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و50 عامًا.

وفي النيجر وصل نحو 9,000 من اللاجئين والمهاجرين الذين رحَّلتهم السلطات الجزائرية إلى قرية السمكة الحدودية بين يناير/كانون الثاني وأبريل/نيسان. وفي ملاوي، اعتقلت الشرطة المئات من اللاجئين، واقتادتهم من منازلهم ومحلاتهم بالعاصمة إلى مخيم دزاليكا للاجئين.

يجب على الحكومات أن تفي بالتزاماتها بتقديم الحماية للاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين، بما في ذلك مراعاة حقهم في طلب اللجوء وعدم إعادتهم قسرًا.

التمييز

حقوق النساء والفتيات

تجلت الآثار المدمرة لتشويه الأعضاء التناسلية للإناث عندما لقيت طفلة في عامها الثاني من العمر حتفها بعد إخضاعها لهذه العملية في سيراليون. واستمرت ظاهرة زواج الأطفال والزواج المبكر والزواج القسري في المنطقة؛ إذ كانت حوالي 29% من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 20 و24 عامًا في زامبيا قد تزوجن قبل بلوغهن سنة الثامنة عشرة. وجاءت حالة نظيرة البالغة من العمر 16 عامًا، التي انتحرت هربًا من الزواج القسري، لتسلط الضوء على الضرر الناجم عن الزواج المبكر في النيجر.

وشهد العام عدة تطورات تشريعية إيجابية؛ فقد سنَّت جمهورية الكونغو الديمقراطية قانونًا يجرِّم التخويف والوصم القائمَيْن على النوع الاجتماعي. وفي سيراليون صدر قانون جديد يقضي بتخصيص 30% من المناصب العامة للمرأة. وفي جنوب أفريقيا طُرِح مشروع قانون يرمي إلى إنشاء هيئة للإشراف على تنفيذ خطة إستراتيجية بشأن العنف القائم على النوع الاجتماعي على الجمهور للتعليق عليه.

حقوق أفراد مجتمع الميم

اتخذت بعض البلدان خطوات تشريعية مناهضة للمثلية؛ ففي أوغندا صدر قانون جديد ينص على توقيع عقوبة الإعدام على مرتكبي جريمة “المثلية الجنسية المشددة”، وفي أعقاب ذلك تواترت أنباء عن تزايد أعمال العنف ضد أفراد مجتمع الميم. وفي كينيا تقدم أحد أعضاء البرلمان بمشروع قانون من شأنه أن يزيد من تجريم العلاقات الجنسية المثلية بالتراضي. وفي غانا، وافق البرلمان على مشروع قانون مناهض للمثلية. وفي إسواتيني، رفضت الحكومة طلبًا بتسجيل منظمة لمجتمع الميم، ضاربة عرض الحائط بحكم قضائي بهذا الشأن.

شاعت حالات اعتقال واحتجاز أفراد مجتمع الميم؛ ففي بوروندي، اعتقلت السلطات 24 شخصًا في فبراير/شباط في مدينة غيتيغا، أثناء ورشة عمل حول الشمولية الاقتصادية. وأحيلوا، إلى جانب اثنين آخرين أُضيفا إلى القضية لاحقًا، للقضاء بتهمة “المثلية الجنسية” و”التحريض على الفجور”؛ وفي أغسطس/آب، أُدين سبعة منهم، ولم يُطلق على الفور سراح تسعة ممن تمت تبرئتهم، وتوفي أحدهم في الحجز. وفي نيجيريا، مَثُل 69 رجلًا أمام القضاء في محاكمة جنائية بتهمة تنظيم عرس مثلي في ولاية دلتا، في حين اعتُقلت مجموعة أخرى تتألف من 59 رجلًا و17 امرأة في ولاية غومبي بزعم إقامة حفل عيد ميلاد “مثلي”.

وتصاعد الخطاب المناهض للمثلية في إثيوبيا وبوتسوانا وتنزانيا والكاميرون وكينيا وملاوي؛ ففي بوتسوانا وملاوي، تظاهر المئات من الأشخاص، بتأييد من جماعات دينية ومسؤولين حكوميين، احتجاجًا على إلغاء تجريم العلاقات الجنسية المثلية بالتراضي. وفي الكاميرون، هددت السلطات بتعليق وسائل الإعلام إذا بثّت “برامج تروج للممارسات الجنسية المثلية”. أما في إثيوبيا، فقد أطلق مؤثّرون على وسائل التواصل الاجتماعي وزعماء دينيون وفنانون شعبيون حملة ضد أفراد مجتمع الميم عبر شبكة الإنترنت وخارجها. وفي تنزانيا، أصدر وزير التعليم قرارًا بحظر تداول أي كتب تحتوي على مواد تتعلق بمجتمع الميم في المدارس.

وفي تطور إيجابي، أصدرت المحكمة العليا في ناميبيا حكمًا يقضي بأن أزواج وزوجات المواطنين الناميبيين بمقدورهم ترتيب أوضاع الهجرة الخاصة بهم بناء على زيجات مثلية أبرمت خارج البلاد؛ وأكدت المحكمة العليا الكينية على حق أفراد مجتمع الميم في تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها.

الأشخاص المصابون بالمهق

تزايدت في ملاوي الجرائم المرتكبة ضد الأفراد المصابين بالمهق، بما في ذلك أنباء عن محاولات الاختطاف، والاعتداءات البدنية، وتدنيس القبور. وفي أنغولا، اعتُمدت خطة العمل الوطني من أجل حماية وتعزيز الحقوق الإنسانية للأشخاص المصابين بالمهق.

يجب على الحكومات السعي بصورة عاجلة لمكافحة كافة أشكال التمييز القائم على النوع الاجتماعي والعنف ضد النساء والفتيات، ومن سبل ذلك معالجة الأسباب الجذرية، وتصعيد الجهود للقضاء على الممارسات الضارة. ويتعيّن على الحكومات تعزيز ضمانات حماية حقوق أفراد مجتمع الميم، ومن سبل تحقيق ذلك إصدار التشريعات الملائمة، والتحقيق الفعال فيما يرد من أنباء وبلاغات عن الانتهاكات، وتقديم المشتبه في ارتكابهم لها إلى القضاء.

الحق في بيئة صحية

تضررت عدة بلدان من الظواهر الجوية المتطرفة، التي قد تُعزى شدتها ووتيرتها إلى تغير المناخ. غير أن الحكومات لم تكن مستعدة للتصدي للظواهر الجوية بطيئة وسريعة الظهور في شتى أنحاء المنطقة. وفي فبراير/شباط ومارس/آذار، تضرر الملايين من الأشخاص من إعصار فريدي في ملاوي وموزمبيق، مما أودى بحياة 679 شخصًا في ملاوي و453 شخصًا في موزمبيق. وحصدت الفيضانات أرواح الكثيرين في عدة بلدان أخرى، من بينها جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا. وفي سبتمبر/أيلول، انعقدت أول قمة مناخية أفريقية في نيروبي لبلورة موقف أفريقي موحد قبل انطلاق المفاوضات في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (كوب 28).

يجب على الحكومات اتخاذ تدابير فورية لحماية الناس من مخاطر وآثار الأزمة المناخية، وتعزيز تأهبها للتصدي للظواهر الجوية المتطرفة، ومن سبل ذلك طلب المساعدة الدولية والتمويل المناخي من البلدان المتقدمة بغية اعتماد سياسات فعالة للتخفيف والتكيف، ومعالجة الخسائر والأضرار التي تتكبدها الفئات الأكثر تهميشًا.

الحق في معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة والحصول على التعويض

في أعقاب حملة الحكومة الإثيوبية، التي تنم عن الازدراء والاستخفاف، لإحباط مبادرات العدالة والمساءلة، أنهت اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب قبل الأوان ولاية لجنة التحقيق التابعة لها المكلفة بالتحقيق في الأوضاع في إقليم تيغري دون نشر أي نتائج. كما استهدفت الحكومة لجنة خبراء حقوق الإنسان الدولية المعنية بإثيوبيا، مما أسفر عن فشل الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في تقديم قرار بتجديد ولاية لجنة الخبراء المذكورة. ومن جهة أخرى، انسحبت بوروندي من الجلسة التي عقدتها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان لاستعراض سجلها في مجال حقوق الإنسان، احتجاجًا على حضور مدافع عن حقوق الإنسان أدين غيابيًا بتهمة باطلة، هي المشاركة في محاولة الانقلاب عام 2015، في حين منعت تنزانيا وفدًا أرسلته اليونسكو لتقصي الحقائق من زيارة نغورونغورو للتحقيق في عمليات الإخلاء القسري العنيف ضد شعب الماساي.

واستحدثت عدة بلدان، أو نظرت في استحداث، عمليات لتقصي الحقائق والمصالحة، ولو أنها جاءت على حساب تحقيق العدالة والمساءلة من أجل ضحايا الجرائم المنصوص عليها في القانون الدولي وغيرها من الانتهاكات والاعتداءات الخطيرة على حقوق الإنسان. فقد اعتمدت حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية مسودة السياسة الوطنية للعدالة الانتقالية، وبدأت الحكومة الإثيوبية مشاورات من أجل اعتماد سياسة مماثلة.

وفي جنوب السودان أقرّ مجلس الوزراء على مشروعي قانونين لإنشاء لجنة الحقيقة والمصالحة وتضميد الجراح، وهيئة التعويض وجبر الضرر ولم يتم طرحهما للنقاش في البرلمان بحلول نهاية العام. ولكن ما برح مجلس الوزراء يعرقل إنشاء المحكمة المختلطة لجنوب السودان. ووافقت السلطات في غامبيا على إنشاء محكمة مختلطة لملاحقة الجناة المشتبه في ارتكابهم انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في عهد الرئيس يحيى جامع.

اعتقل العديد من الأفراد المشتبه في ارتكابهم جرائم ينص عليها القانون الدولي؛ فقد أعلنت المحكمة الجنائية الخاصة في جمهورية الكونغو الديمقراطية عن اعتقال أربعة أشخاص متهمين بجرائم حرب و/أو جرائم ضد الإنسانية. واتخذت خطوات لمحاسبة اثنين من المشتبه في ضلوعهم في جريمة الإبادة الجماعية، وهما: فولجنس كايشيما الذي اعتقل مجددًا بموجب أمر جديد بالاعتقال من شأنه أن يسمح بتسليمه إلى الآلية الدولية لتصريف الأعمال المتبقية للمحكمتين الجنائيتين في تنزانيا؛ وثيونيستي نيونغيرا الذي تم ترحيله من ملاوي إلى رواندا.

يجب على الحكومات تعزيز جهودها لمكافحة ظاهرة الإفلات من العقاب بالمسارعة إلى إجراء تحقيقات شاملة ومستقلة ومحايدة وفعالة وشفافة بشأن الجرائم المنصوص عليها في القانون الدولي، وغيرها من الانتهاكات والاعتداءات الخطيرة على حقوق الإنسان، وتقديم الجناة المشتبه فيهم إلى القضاء، وضمان تيسير سبل التعويض والإنصاف الفعال أمام الضحايا.