هونغ كونغ (الصين) 2023
للاطلاع على محتوى الصين ككل، انظر الصين.
وأصبح الحيز المدني في هونغ كونغ أضيق من أي وقت مضى، مع استمرار السلطات في حظر مجموعة واسعة من أشكال الاحتجاج السلمي وسجن نشطاء مؤيدين للديمقراطية، وصحفيين، ومدافعين عن حقوق الإنسان، وغيرهم بتهم تتعلق بالأمن القومي. كما سعت السلطات لاعتقال نشطاء المعارضة الذين فرُّوا إلى الخارج. وأصدرت محاكم هونغ كونغ أحكامًا مؤيدة لبعض حقوق أفراد مجتمع الميم في عدة قضايا بارزة.
حرية التعبير، وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، والتجمع
استمرت سلطات هونغ كونغ في استخدام قانون الأمن القومي الصادر في عام 2020، وكذلك المواد المتعلقة بإثارة الفتنة في قانون الجرائم من الحقبة الاستعمارية، وغير ذلك من القوانين المقيِّدة ضد المناضلين المؤيدين للديمقراطية والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم.
وفي أكبر ملاحقة قضائية تتعلق بالأمن القومي حتى الآن، بدأت محاكمة 47 من دعاة الديمقراطية في فبراير/شباط. وقد وُجهت إليهم جميعًا بموجب قانون الأمن القومي تهمة “التآمر لارتكاب أعمال تخريب” فيما يتصل بمشاركتهم في انتخابات تمهيدية لحزب سياسي غير رسمي لاختيار المرشحين في انتخابات المجلس التشريعي التي كان مقررًا إجراؤها في عام 2020، وأُجِّلت في نهاية الأمر. وكان أغلبهم محتجزين منذ ما يزيد عن سنتين قبل بداية المحاكمة، وبعضهم معرضون للحكم عليهم بأحكام قد تصل إلى السجن مدى الحياة في حالة إدانتهم.1
وبعد تأجيل متكرر، بدأت في ديسمبر/كانون الأول محاكمة جيمي لاي، ناشر ومؤسس صحيفة أبل ديلي (Apple Daily) المؤيدة للديمقراطية والمغلقة الآن، بتهم تتعلق بالأمن القومي وإثارة الفتنة، وذلك بعد عام من الموعد الذي كان مقررًا لها أصلًا. وهو محتجز منذ أغسطس/آب 2020. وفي مارس/آذار، بعث خمسة من خبراء حقوق الإنسان بالأمم المتحدة برسالةٍ إلى الحكومة الصينية أعربوا فيها عن قلقهم العميق بشأن اعتقال جيمي لاي واحتجازه ومحاكماته المتعدّدة فيما يتصل، على ما يبدو، بانتقاده للحكومة الصينية وتأييده للديمقراطية في هونغ كونغ.
وفي مارس/آذار، اعتقلت شرطة الأمن القومي رجلَيْن بتهمة “إثارة الفتنة” لحيازتهما كتب أطفال محظورة أُدين مؤلفوها وناشروها بتهمة إثارة الفتنة في عام 2022.2 وأُفرج عن الرجلين بكفالة لكنهما قد يكونان عُرضة للسجن لما يقرب من سنتين.
واستمرت الملاحقات القضائية لأعضاء في جماعات مؤيدة للديمقراطية وجماعات لحقوق الإنسان، على الرغم من أن أغلب مثل هذه الجماعات توقفت عن العمل بعد تطبيق قانون الأمن القومي في عام 2020. وفي 4 مارس/آذار، أُدين ثلاثة من أعضاء تحالف هونغ كونغ لدعم الحركات الديمقراطية الوطنية في الصين (تحالف هونغ كونغ)، وهم تشاو هانغ-تونغ، وتانغ نغوك-كوان وتسوي هون-كوونغ بعدم الامتثال لطلب الشرطة، بموجب قانون الأمن القومي في عام 2021، بتقديم معلومات بشأن عضوية الجماعة وتمويلها وأنشطتها. ورفضت تشاو هانغ-تونغ، نائب رئيس تحالف هونغ كونغ سابقًا، الامتثال لشروط الكفالة التي تقيِّد حقها في حرية التعبير، ومن ثم ظلت رهن الاحتجاز في انتظار نتيجة استئنافها. وقد تعرضت للحبس الانفرادي مرات عدَّة، لمدد وصل مجموعها إلى 82 يومًا.
وفي 1 مارس/آذار، ألغت سلطات هونغ كونغ العمل بالقيود على التجمعات العامة المتعلقة بجائحة كوفيد-19. غير أن الحق في الاحتجاج ظل مقيدًا بشدة وساد مناخ من الترهيب. وفي مارس/آذار، ألغت جمعية العاملات في هونغ كونغ مسيرة بمناسبة يوم المرأة العالمي، في قرار يرجع، فيما يبدو، إلى بواعث قلق لدى الشرطة بشأن احتمال وجود “جماعات عنيفة” خلال المسيرة وتهديدات باعتقال المشاركين فيها.
وفي يونيو/حزيران، سعت حكومة هونغ كونغ إلى استصدار أمر قضائي بحظر أغنية “المجد لهونغ كونغ”، وهي أغنية مؤدية للديمقراطية تحظى بشعبية، وهدَّدت بمقاضاة كل من يؤدي الأغنية أو يذيعها أو ينشرها بموجب قانون الأمن القومي أو قوانين إثارة الفتنة.
وفي 4 و5 يونيو/حزيران، احتجزت الشرطة ما لا يقل عن 32 شخصًا قرب حديقة فيكتوريا، حيث كان يُقام سنويًا تجمع لحاملي الشموع إحياءً لذكرى قمع احتجاجات ساحة تيانانمن إلى أن حُظر في عام 2020. وادّعت الشرطة أن المحتجزين كانوا “يهتفون ويحملون مواد احتجاج حافلة بعبارات تنطوي على إثارة الفتنة، ويرتكبون أفعالًا غير مشروعة”. وقد أُفرج عنهم جميعًا في وقت لاحق بدون تهمة.
وفي يونيو/حزيران، اعتُقل 10 من العاملين السابقين وغيرهم من المرتبطين بصندوق دعم الإغاثة الإنسانية 612 (الذي أُنشئ لمساعدة المشاركين في احتجاجات عام 2019 المؤيدة للديمقراطية، في دفع الأتعاب القانونية وغيرها من التكاليف والذي أُغلق في عام 2021) وذلك للاشتباه في ضلوعهم في “مؤامرة للتواطؤ مع دولة أجنبية أو مع عناصر خارجية” بموجب قانون الأمن القومي، وفي قيامهم بالـ”التحريض على الشغب”. وقد اتُّهموا بقبول تبرعات من منظمات أجنبية لتوفير المساعدة المالية لأفراد فروا من هونغ كونغ، أو لمنظمات تدعو لفرض عقوبات على مسؤولين في هونغ كونغ.
وفي يوليو/تموز، بعث خمسة من خبراء الأمم المتحدة برسالةٍ إلى حكومتي الصين وهونغ كونغ لعرض بواعث قلق بشأن عواقب التنظيم المقترح لأنشطة الدفع والتمويل الجماعي الذي صدر في ديسمبر/كانون الأول 2022 على حقوق الإنسان. وشدَّد الخبراء بوجه خاص على المخاطر على حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، وحرية التجمع السلمي والتعبير التي ينطوي عليها تطبيق دواعٍ مُبهمة التعريف تتعلق بالأمن القومي ومكافحة الإرهاب كمعيار أساسي لتقييم طبيعة وغرض أنشطة الدفع والتمويل الجماعي.
وفي سبتمبر/أيلول، أقرَّت زنغ يوشوان، وهي صينية من البر الرئيسي الصيني تبلغ من العمر 23 عامًا وطالبة بالدراسات العليا في القانون في الجامعة الصينية في هونغ كونغ، بأنها مذنبة بتهمة إثارة الفتنة، وحُكم عليها بالسجن ستة أشهر لتخطيطها لعرض لافتة تصور منحوتة لفنان دنمركي تحيي ذكرى القمع في ساحة تيانانمين. وكان من المفترض الإفراج عن زنغ يوشوان في أكتوبر/تشرين الأول بعد أن قضت معظم مدة عقوبتها في الحبس الاحتياطي، لكنها رُحِّلت إلى البر الرئيسي للصين حيث يُعتقد أنها احتُجزت بمعزل عن العالم الخارجي. ويُعتقد أن هذه أول مرة يُرحَّل فيها من هونغ كونغ شخصٌ منحدر من البر الرئيسي الصيني بعد إدانته بتهمة إثارة الفتنة.
وفي ديسمبر/كانون الأول، اعتقلت الشرطة سبعة أشخاص وأصدرت إذنين باعتقال اثنين آخرين يعيشان في الخارج بتهمة “تحريض آخرين على عدم التصويت أو الإدلاء بصوت باطل” في انتخابات مجلس المنطقة.
قمع المعارضة
استمر استهداف منتقدي سلطات هونغ كونغ المقيمين في الخارج. ففي يوليو/تموز، أصدرت الشرطة أذونًا باعتقال ثمانية نشطاء، من بينهم ثلاثة نواب سابقين في المجلس التشريعي يقيمون في أستراليا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية في إطار نفي اختياري. وقد اتُّهموا بمخالفة قانون الأمن القومي، وعُرضت مكافأة قدرها مليون دولار هونغ كونغ (حوالي 128,228 دولار أمريكي) لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقالهم. وفي أكتوبر/تشرين الأول، عبَّر أربعة من خبراء الأمم المتحدة عن بواعث قلق عميق بشأن إصدار أذون الاعتقال، ودعوا إلى مراجعة قانون الأمن القومي. وفي ديسمبر/كانون الأول، أُضيف خمسة نشطاء آخرين من هونغ كونغ مقيمين في الخارج إلى قائمة الأشخاص المطلوبين مع عرض المكافأة نفسها.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني، حُكم على يوين تشنغ- تنغ، وهي طالبة تبلغ من العمر 23 عامًا، بالسجن شهرين لنشرها رسائل “تثير الفتنة” على وسائل التواصل الاجتماعي أثناء دراستها في جامعة في اليابان. وكانت يوين تشنغ- تنغ، التي أقرت بأنها مذنبة بنشر 13 رسالة تأييدًا لاستقلال هونغ كونغ، قد اعتُقلت في مارس/آذار بعد عودتها إلى هونغ كونغ لتجديد بطاقة هويتها.
وفي ديسمبر/كانون الأول، نشرت الناشطة الطلابية البارزة أجنس تشاو منشورًا على إنستغرام تقول فيه إنه طُلب منها السفر إلى البر الرئيسي للصين والمشاركة في أنشطة وزيارات “وطنية” حتى يُعاد إليها جواز سفرها لكي تدرس في كندا. وكانت أجنس تشاو قد سُجنت في عام 2020 لكنها ظلت تحت المراقبة بعد الإفراج عنها بكفالة في عام 2021 وصُودر جواز سفرها. وقالت في أعقاب وصولها إلى كندا إنها تخشى ألا تتمكن أبدًا من العودة إلى هونغ كونغ، وإنها ستكون عرضة لانتهاكات لحقوق الإنسان إذا فعلت.
حقوق أفراد مجتمع الميم
جرت تطورات إيجابية فيما يتعلق بحقوق مجتمع الميم نتيجة قرارات قضائية في دعاوى طعن في سياسات وممارسات تتسم بالتمييز المُجحف. ففي فبراير/شباط، قضت محكمة الاستئناف النهائي بأن الحكومة انتهكت حقوق شخصين عابرين جنسيًا برفض طلبيهما لتعديل نوعهما الاجتماعي في بطاقتي هويتهما، وذلك لعدم خضوعهما لجراحة لتغيير النوع الاجتماعي بالكامل.
وفي أغسطس/آب، أقرَّت المحكمة العليا قانونًا، في دعوى أقامتها شريكتان مثليتان، بالأم غير الحامل كأم ثانية لطفلهما. وفي حكم بارز آخر، امتنعت محكمة الاستئناف النهائي في سبتمبر/أيلول عن الإقرار بزواج المثليين، لكنها قضت بأن من واجب الحكومة دستوريًا أن توفر إطارًا قانونيًا بديلًا حتى يمكن الاعتراف بالعلاقات المثلية. وحدَّدت المحكمة مدى زمنيًا قدره سنتان لتحقيق الحماية لحقوق الشركاء المثليين، بما في ذلك الحصول على خدمات المستشفيات والميراث، على قدم المساواة مع الشركاء مختلفي الجنس.3
وفي قضيتين أخريين في أكتوبر/تشرين الأول، قضت محكمة الاستئناف بأن رفض الحكومة حقوق الشركاء المثليين المتزوجين في استئجار وامتلاك وحدات الإسكان العام ينطوي على تمييز مُجحف. كما قضت المحكمة بمنح حقوق متساوية في الميراث.
- “Hong Kong: Case against 47 pro-democracy figures must be dropped as politically motivated trial begins”, 6 February
- “Hong Kong: Arrests for possession of ‘seditious’ children’s books a new low for human rights”, 17 March
- “Hong Kong: Same-sex marriage ruling a moment of hope for LGBTI rights”, 5 September